(أَوْ فيهِمَا يَخْتَلِفُ الجُزْآنِ)، (أَوْ فيهِمَا) أو للتنويع، والعطف هنا على (حسِّيَّانِ). (أَوْ فيهِمَا) أي في طرفي التشبيه يختلف الجزءان بأن يكون الْمُشَبّه عقليًّا والْمُشَبّه به حِسِّيًّا، عرفنا المراد بالعقلي ويشمل الوهمي والوجداني، والْمُشَبّه به الحسي ويشمل الخيالي كتشبيه المنية بالسبع، المنية بالسبع، مشبه هنا عقلي لأن لا تدرك بالبصر ولا بالسمع ولا بالذوق، والْمُشَبّه به هو السبع هذا حسيّ، إذا الْمُشَبّه هنا والْمُشَبّه به اختلفا حسًّا وعقلاً، هذا يُعبر عنه بالمختلفين بأن يكون الأول عقليًّا كالمنية، والثاني يكون حسيًّا كالسبع، أو العكس يكون الْمُشَبّه حسيًّا والْمُشَبّه به عقليًّا كالعكس في التشبيه السابق، تشبيه السبع بالمنية، وكتشبيه النور بالهدى، فإن النور حسي يدرك بالبصر والهدى عقلي ووجه الشبه بينهما كونهما جهتي وصول إلى المقصود. إذًا هذا ما يتعلق بطرفين التشبيه.
ثم قال:(وَوَجْهُهُ مَا اشْتَرَكَا فِيهِ). (وَوَجْهُهُ) بعد ما أنهى الكلام على الطرفين شرع في الكلام على الجامع بينهما وهو وجه الشبه، يعني المعنى الذي وُجِدَ في الْمُشَبّه به فأُلْحِقَ أو العكس وُجِدَ في الْمُشَبّه فأُلْحِقَ بالْمُشَبّه به، يعني وُجد هذا الوصف في المشبه، ثم لوجوده في المشبه به [أُلحق الثاني] أُلحق الأول بالثاني، يعني الْمُشَبّه بالْمُشَبّه به، فوجود الوصف أولاً يكون في الْمُشَبّه به، هذا لا كلام فيه، وإنما يتحقق وجود الوصف في المشبه لأن هذا ما يكون أشبه بالقياس، إلحاق النظير بالنظير، وهو وجه الشبه، وقدَّمه على ما يليه لأن له مَدْخَلِيَّةً في مفهوم التشبيه كالطرفين، فقال:(وَوَجْهُهُ) أي وجه الشبه واحدًا كان أو متعددًا كما سيأتي في تقسيم الناظم (مَا اشْتَرَكَا فِيهِ)، أي معنًى (مَا) هنا اسم موصول بمعنى الذي يصدق على المعنى، لأن الكلام هنا في المعاني، (مَا) أي معنًى (اشْتَرَكَا) الألف هذه فاعل، أي الطرفان الْمُشَبّه والْمُشَبّه به، (فِيهِ) أي في المعنى الذي قُصِدَ اشتراك الطرفين فيه، والمراد هنا المعنى الذي له زيادة اختصاصٍ بالْمُشَبّه، وقصد اشتراكهما فيه، يعني كما ذكرنا سابقًا زيدٌ مثلاً قلنا: زيدٌ كالأسد هنا يشتركان في أوصاف متعددة كثير من الذاتيات مثلاً وغيرها، كل منهما حيوان وكل منهما جسمٌ وكلٌ منهما موجود وكلٌ منهما يأكل ويشرب ويناسل هذه أوصاف مشتركة بين زيدٍ والأسد ولكن ليس شيئًا منها مقصودٌ فيه بالتشبيه، وإنما المراد به المعنى القائم بالْمُشَبّه به فوجد في الْمُشَبّه وامتاز الْمُشَبّه به عن غير به، يعني بالشجاعةٍ مثلاً.