للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* الباب السادس: الإنشاء.

* تعريف الإنشاء الطلبي وأنواعه.

* التمني والاستفهام وأدواتهما.

* الأمر والنهي وأغراضهما.

* تقدير الشرط الجازم بعد هذه الأنواع.

* النداء وأغراضه.

* مجيئ الخبر بمعنى الطلب والعكس.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى:

(الْبَابُ السَّادِسُ: الإنْشَاءُ)

الباب السادس من الأبواب الثمانية التي ينحصر فيها علم المعاني هو باب الإنشاء الإِنشاء مصدر أَنْشَأَ يُنْشِئُ إِنْشَاءً، وله إطلاقات قد يطلق على نفس الكلام الذي لا يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه، لذلك يُعَرَّف على أنه ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته. وعرفنا أن المراد بالصدق هو تطابق الواقع، وعدم مطابقة الواقع هو الكذب. حينئذٍ الصدق المأخوذ في حد الإنشاء هو تعريفه بعينه الصدق الذي أُخِذَ في حدّ الخبر، ولذلك نقول: الكلام يُقَسّم إلى: خبر، وإنشاء.

خبر ما احتمل الصدق والكذب لذاته.

والإنشاء ما لا يحتملهما.

فيطلق الإنشاء على نفس الكلام الذي لا يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه، ومر معنا في شرح القويسني لشرح هذه الجملة، كقولك: بعتك هذا بكذا. بعتك هذا عند إنشاء البيع فلا يقال له: صادق أو كاذب. وقد يطلق على ما هو فعل المتكلم. إذًا إما أن يراد به الكلام نفسه، وإما أن يراد به فعل المتكلم. أي إلقاء الكلام الإنشائي. فرق بين الكلام الإنشائي وبين إلقاء الكلام الإنشائي، كما أن الإخبار كذلك، يقال: خبر، وإلقاء الخبر. ففرق بينهما. والأظهر أن المراد هو الثاني يعني: إلقاء الكلام الإنشائي وليس المراد به نفس الكلام. يعني: الباب السادس الإنشاء. ما المراد بالإنشاء قبل الولوج في مسائل الإنشاء؟ هل المراد به مراد الكلام نفسه؟ أو المراد به إلقاء الكلام الإنشائي؟

الثاني، المراد به الثاني، كما يشير إليه قوله: (يَسْتَدْعِي الإِنْشَاءُ إِذَا كَانَ طَلَبْ). (يَسْتَدْعِي الإِنْشَاءُ) إذًا نقول: هذا يدل على أن المراد به الإلقاء.

واعلم أن الإنشاء إما أن لا يكون طلبًا يعني: الإنشاء نوعان: إنشاء طلبي، وغيره. غير طلبي. غير الطلبي الذي لا يكون طلبًا كأفعال المقاربة كاد وأخواتها، وأفعال المدح والذم نعم الرجل زيد هذا إنشاء لكنه ليس طلبيًّا، بئس الرجل عمرو هذا إنشاء لكنه ليس طلبيًّا، وصيغ العقود بعتك واشتريت والقسم ولعل ورُبّ وكم الخبرية ونحو ذلك، هذه كلها إنشاء لكنه من النوع الثاني الذي هو لا يكون طلبيًّا، يعني لا يفهم الطلب كالأمر والنهي. الأمر والنهي فيه شيء من إفهام الطلب فلا يُبحث عنها ها هنا لقلة المباحث البيانية المتعلقة بها، يعني: لا يبحث البيانيون عنا في أفعال المقاربة والقسم ولعل وكم الخبرية لأن الأبحاث متعلقة بها قليلة ولأن أكثرها في الأصل أخبار نقلت إلى معنى الإنشاء، والمقصود بالنظر هنا هو النوع الثاني الذي هو الإنشاء الطلبي لاختصاصه بمزيد أبحاث لم تذكر في بحث الخبر، فالإنشاء حينئذٍ يكون منقسمًا إلى نوعين: طلبي، وغيره. والمقصود هنا الطلبي أي المنسوب إلى الطلب كالاستفهام والأمر ونحو ذلك.

قال الناظم:

يَسْتَدْعِي الإِنْشَاءُ إِذَا كَانَ طَلَبْ ... مَا هُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ وَالمُنْتَخَبْ

مِنْهُ التَّمَنِّي وَلَهُ المَوْضُوعُ ... لَيْتَ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوُقُوعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>