للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المجهول [أحسنت] يُبدل بماذا؟ بالمعلوم، وقد يُنَزّل المجهول مُنَزّلة المعلوم كما قال الناظم هنا: (أَوْ ذَا يُبْدَلُ) أي قد ينزل المجهول منزلة المعلوم لإدعاء ظهوره فيستعمل حينئذٍ له إنما، إنما في الأصل للمعلوم، لكن قد نستعمله لماذا؟ للمجهول كقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: ١١] قوله تعالى على المنافقين {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ادعوا أن ذلك أمرٌ ظاهر معلوم لأن الحصر بـ إنما يكون لشيءٍ معلوم فإذا قالوا {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} إذًا الصلاح ثابت أمره ظاهر لا يحتاج إلى تنصيص فهم ادعوا أنهم مصلحون فهو أمرٌ ظاهر من شأنه أن لا يجهله المخاطَب ولا ينكره، ولذلك جاء رد يعني لما استعملوا هذا التركيب والأصل فيه أنه للمعلوم حينئذٍ جاء الرد قوي جدًا من الرب جل وعلا، جاء ربه مؤكدًا بـ إن والجملة الاسمية وتعريف الخبر وتوسيط ضمير الفصل وتصدير الكلام بحرف التنبيه الدال على أن مضمون الكلام مما له خطرٌ في قوله تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} [البقرة: ١٢]. لما قالوا: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}. جاء الرد بماذا؟ {أَلا} حرف تنبيه، ثانيًا: {إِنَّهُمْ} ثالثًا: {هُمُ الْمُفْسِدُونَ} تعريف الجزأين، ثم الفصل، والجملة الاسمية. ثم عَقَّبَ ذلك بما يدل على التقريع والتوبيخ وهو قوله: {وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} [البقرة: ١٢]. إذًا قوله: (وَمَا بَدَا مِنْهُ) يعني والذي ظهر منه (فَمَعْلُومٌ) وهو واضحٌ بين يعني ما يُستعمل للمعلوم وما يُستعمل للمجهول (وَقَدْ يُنَزَّلُ ** مَنْزِلَةَ المَجْهُولِ) ويستعمل المعلوم مرادًا به المجهول (أَوْ ذَا) أي المجهول (يُبْدَلُ) ينزل منزلة المعلوم، والله أعلم.

وصلَّى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>