الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى: الفن الثالث علم البديع. تقدم في بيان ترتيب هذه الفنون الثلاثة أن فن البديع ليس جزءًا من البلاغة، بل هو تابعٌ لها، والنظر فيه فرع النظر فيها، ولذلك أُخِّرَ، والذي عليه الاهتمام عند البيانيين هو الأول أو الثاني، علم المعاني، وعلم البيان. وأما علم البديع فهو كالتّتمة لهذين العلمين.
(عِلْمُ البَدِيعِ) أظهر في مقام الإضمار بإرادة الإيضاح لزيادة الإيضاح، (عِلْمُ البَدِيعِ وَهْوَ) إسكان الهاء لغةٌ، وهُو أي علم البديع (تَحْسِيْنُ الكَلاَمْ)، (تَحْسِيْنُ) تفعيل، وهو مصدر لمعنى اسم الفاعل مُحَسِّنُ، مُحَسِّنُ الكلام (تَحْسِيْنُ الكَلاَمْ) وهو علمٌ، يُعْرَفُ به وجوه (تَحْسِيْنُ الكَلاَمْ) هذا الذي ينبغي أن يقدر فيه الكلام، (عِلْمُ البَدِيعِ وَهْوَ تَحْسِيْنُ الكَلاَمْ) ليس هو عين التحسين فحسب إنما هو علمٌ يعرف به وجوه تحسين الكلام، لا بد من تقدير هذه الكلمات، علمٌ يُعْرَفُ به وجوه (تَحْسِيْنُ) تفعيل بمعنى مُحَسِّن، (تَحْسِيْنُ الكَلاَمْ) أي المعاني التي يُحَسَّن الكلام بها، قوله: يُعْرَفُ، أي يتصور معانيها، ويُعرف أعدادها وتفاصيلها بقدر الطاقة، بمعنى أن المحسنات اللفظية والمعنوية كثيرة جدًا عند أهل البيان، وكثيرٌ منها مما لا حاجة إليها، وإنما بعض المسائل المتعلق بالمعنوي أو اللفظي هي التي يُعتنى بها، وأما ما عداه فهو من باب [تشخيخ] الكلام فحسب