[عناصر الدرس]
* نبذة عن الناظم وكتابه.
* منهجية في دراسة علم البلاغة.
* شرح مقدمة الناظم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
نشرع هذه الليلة بإذن الله تعالى وتوفيقه في منظومة:
((مائة المعاني والبيان))
لابن الشَّحْنَة الحنفيِّ، وهي كما هو مقرر في فن البيان.
والبيان هنا بمعنى علوم البلاغة الثلاثة، البيان يطلق ويراد به:
علم البيان الخاص.
وعلم المعاني.
وعلم البديع.
ويأتي أهمية هذا العلم في كونه داخلاً في مفهوم علوم اللغة، وعلوم اللغة كما مرَّ معنى مرارًا هي مفتاح لفهم الشريعة، هي شرط لاتفاقها للأصول في صحة الاجتهاد، ولا يصح لمجتهد أن يجتهد إلا إذا تحقق بعلوم اللغة، وأهم علوم اللغة على جهة الترتيب النحو، ثم الصرف، ثم البيان.
وعلم البلاغة يتعلق بالمعنى، وعلم النحو يتعلق بالإعراب، وعلم الصرف يتعلق بالأبنية والصيغ، فحينئذٍ تقاسمت العلوم الثلاثة الكلمات وكذلك الجمل، علم النحو يتعلق بآخر الكلمة على جهة الإعراب والبناء وهو علم بأصول يعرف [به أو $ ١.٣٥] بها أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناءً، الإعراب والبناء إنما يكون بعد إدخال الكلمة في جملة مفيدة، فحينئذٍ يأتي السؤال هل هذه الكلمة معربة أم مبنية؟ أما قبل ذلك فلا توصف الكلمة بكونها معربة ولا مبنية، إذًا هي موقوفة فيها كما هو الصحيح من أقوال النحاة من أقوال ثلاث $ ١.٥٩ في هذه المسألة.
وأما علم الصرف إنما يتعلق بالبنية فقط على الوزن كما مرَّ معنا، وعلم المعاني يتعلق بـ أو علم البلاغة يتعلق بكذلك المفردات من حيث كونها فصيحة أم لا، ويتعلق بالمتكلم، ويتعلق بالكلام، كما سيأتي بحث في الفرق بين الفصاحة والبلاغة.
فعلم المعاني علم مهم جدًا، إذ هو يعرف به الإعجاز القرآني من حيث التحدي الذي حصل من الرب جل وعلا للمشركين في أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا في تراكيبه ولا في مفرداته ولا في مدلولاته، بل كما قال بعضهم: لو أخذ شخص ما كلمة من آية ووضع محلها ما وضع لما استطاع أن يأتي بمثل بما كانت عليه من التركيب. ووصف بعضهم بأن علم البيان يعتبر كالروح للإعراب كما قال الأخضري في ((الجوهر)):
لأنه كالروح للإعراب ... وهو لعلم النحو كاللباب
يعني: علم البيان يعتبر كالروح للإعراب يعني: الكلمة المعربة، يعني: كأنه شبه الكلمة المعربة بالجسد وعلم البيان بالروح، فحينئذٍ إذا فقدت الروح من الجسد فهو عدم، كذلك الكلام المعرب إذا فُقِد من علم البيان البلاغة فهو موات فحينئذٍ لا فائدة منه.
هذا وإن درر البيان ... وغرر البديع والمعاني
تهدي إلى موارد شريفه ... ونبذ بديعة لطيفه
من علم أسرار اللسان العربي ... ودرك ما خص به من عجم
لأنه كالروح للإعراب ... وهو لعلم النحو كاللباب