للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (المُبَاحِ). هذا من باب التتمة يعني: التجوز المباح الذي يكون سائغًا يعني: ما وجد فيه شروط المجاز، ليس كل ما ادُّعِي المجاز حينئذٍ قُبِلَ، المجاز لا شك أنه موجود في اللغة وفي الكتاب والسنة لكن ليس على إطلاقه.

إذًّا:

وَكَوْنُهُ مُؤَكَّدًا فَيَحْصُلُ ... لِدَفْعِ وَهْمِ كَوْنِهِ لاَ يَشْمُلُ

وَالسَّهْوِ وَالتَّجَوُّزِ المُبَاحِ ... .............................

المباح صيغة كاشفة (ثُمَّ بَيَانُهُ فَلِلإِيضَاحِ بِاسْمٍ بِهِ يَخْتَصُّ)، (بَيَانُهُ) يعني: يعطف على المسند إليه عطف بيان، ما فائدة عطف البيان هذه كلها مرت معنا في النحو، (ثُمَّ) للترتيب الذكري (بَيَانُهُ) أي: إتباع المسند إليه بعطف البيان. (فَلِلإِيضَاحِ) يعني: له فائدة واحدة وهي إيضاحه باسم يختص به مثل ماذا؟ أقسم بالله أبو حفص. من هو أبو حفص؟ يحتمل عُمَر، حينئذٍ لما قلت: عمر. رجعت إلى الأول فعطفت عليه ورفعت الاحتمال لأن أبا حفص كنية ليست لعمر بن الخطاب فقط، وإنما هي له ولغيره ولكن عمر حينئذٍ تعين بأن المراد بمسمى أبي حفص هو عمر بن الخطاب ... (فَلِلإِيضَاحِ بِاسْمٍ بِهِ يَخْتَصُّ) يختص بالمسند إليه، وقوله: (بِهِ). هذا متعلق بقوله: (يَخْتَصُّ) باسم يختص، يختَص باسم به، أي: لإيضاحه وكشفه باسم مختص به، للإيضاح باسم، باسْم هذا متعلق للإيضاح [لا، للإيضاح]، (فَلِلإِيضَاحِ) يعني: إيضاح المسند إليه (بِاسْمٍ) مختص (بِهِ) بالمسمى، (بِهِ) متعلق بـ (يَخْتَصُّ)، و (بِاسْمٍ) متعلق بالإيضاح تقدير الكلام (فَلِلإِيضَاحِ) باسم مختص به أي: بالمسند إليه، والفرق بينه وبين الصفة الموضحة أنه وُضع ليدل على للإيضاح بخلافها، يعني: الصفة قد تأتي موضحة وعطف البيان يأتي موضحًا، ما الفرق بينهما؟ نقول: الفرق: أن عطف البيان وُضع ابتداءً ليدل على الإيضاح بخلاف الصفة، فإنها وضعت لتدل على معنى في موصوفها.

ومثاله عطف البيان كقولك: قدم صديقك خالد. فإنه يجوز أن يكون للمخاطب أكثر من صديق أليس كذلك؟ جاء صديقك كل واحد عنده أصدقاء من هو؟ خالد إذًا وضحت أم لا؟ وضحته باسم يختص به لا يشاركه غيره فيه البتة، فإنه يجوز أن يكون للمخاطب أكثر من صديق واحد فلا يتبادر إلى ذهنه باللفظ صديقك ما هو مراد المتكلم، فلما فُسِّرَ بما هو المراد منه وهو خالد اتضح المراد، ولا يلزم أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه على الصحيح فيه خلاف بجواز أن يحصل الإيضاح من اجتماعهما معًا، ومثَّلُوا لذلك بغير المسند إليه بقوله: أقسم. بقول الشاعر:

أقسم بالله أبو حفص عمر.

مع أنه الكنية أشهر وأوضح من الاسم لجواز تعدد كل واحد منهما منفردًا فيكون فيه خفاء ويرتفع عنه ذلك الخفاء بذكر الثاني مع الأول، يعني: قد يكون المسند إليه مع عطف البيان كل منهما فيه إيضاح للآخر، وذلك إذا اشتهر أحدهما واشتهر الثاني كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>