للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: (وَمُفْرَدَا لأنَّ نَفْسَ الحُكْمِ فيهِ قُصِدَا) الخبر كما مر معنا في النحو، أنه قد يكون مفردًا، وقد يكون غير مفرد، والمراد بالمفرد هنا ما يقابل المركب، فقط؟ ما ليس أين؟ ما ليس جملةً ولا شبيهًا بالجملة، ما ليس جملةً ولا شبيهًا بالجملة، فالمفرد يختلف وضعه في أبواب النحو، فالمفرد في باب الإعراب ليس كالمفرد في باب الخبر، ليس كالمفرد في اسم لا والمنادى، وهنا المراد بالمفرد ما ليس جملةً ولا شبيهًا بالجملة، إذًا يقع الخبر المسند إليه مفردًا وقد يقع جملةً والحكم يختلف، وكون المسند مفردًا والمراد به هنا ما يقابل الجملة لا ما يقابل المثنى والمجموع ولا ما يقابل المضاف وشبهه كما هو المفرد في باب المنادى واسم لا، ولا ما يقابل المركب لأن المفرد قد يطلق في مقابلة المركب، وذلك لكونه غير سببيًا يعني: يكون المسند مفردًا إذا كان غير سببيٍّ مع عدم إفادة تقوي الحكم نحو زيدٌ قائمٌ، زيدٌ مبتدأ وقائمٌ خبر، قائمٌ خبر مفرد أو غير مفرد؟ مفرد، الزيدان قائمان، قائمان خبر وهو مفرد، الزيدون قائمون، قائمون خبر وهو مفرد، كزيدٌ قائمٌ فقائمٌ ليس سببيًا ولا يفيد التقوي كقام بل يقرب منه، والسببي هنا - لأجل أن نفهم - ما جرى على غير مَنْ هُو لَهُ، بأن يكون إثبات المسند للمسند إليه بمتعلقه لا لنفسه - كما هو الشأن في النعت السببي - إذا قلت مثلاً: زيدٌ أبوه منطلقٌ، زيدٌ أبوه منطلقٌ، أبوه منطلقٌ الجملة خبر المبتدأ، أليس كذلك؟ أبوه منطلقٌ الإثبات هنا للحكم هل هو لزيد أو لمتعلق زيد؟ لمتعلق زيد؛ لأن الحديث عن أبي زيد وليس عن زيد، واضحٌ؟ هذا مثل قولك: جاء زيدٌ أو جاء زيدٌ العالم أو القائم أبوه، فالعالم أو القائم هنا نعت لزيد، لكنه ليس جارٍ لزيد، وإنما هو جارٍ لما بعده، فالذي يوصف بالعلم أو بالقيام ليس هو الموصوف، وإنما هو ما بعده، هنا كذلك، فالسببيّ ألا يجري الحكم المتعلق بالخبر للمبتدأ، بل لما تعلق به يعني لا لذات المبتدأ بل لشيءٍ تعلق به، كقولك: زيدٌ أبوه منطلقٌ، زيدٌ: مبتدأ أول، أبوه: مبتدأ ثاني، منطلقٌ: خبر الثاني والجملة خبر الأول، أبوه منطلقٌ لم يتعلق بزيد بل بمتعلق زيد وهو الأمر، كذلك: هند عبدها قائمٌ، عبدها قائمٌ، القيام هنا ليس لهند وإنما هو للعبد، كذلك الانطلاق ليس هو لزيد وإنما هو لأبي زيد، إذًا يسمى سببيًّا عند البيانيين، هذا لم يذكره النحاة هناك، فلو كان سببيًّا أو مفيدًا للتقوي فهو جملةٌ قطعًا، يعني: كل ما يفيد السببية أو أفاد التقوية يعني: التأكيد فهو جملة، ما لم يكن كذلك فهو مفردٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>