وعكسه وهو أَخُوكَ زَيْد لمن علم أن له أخًا ولا يعلم كونه زيدًا، والتأخير أي: تأخير المسند فلأن ذكر المسند إليه أهم - كما مر معنا - (فَلاِهْتِمَامِ) إذًا يقدم المسند إليه وإذا تقدم المسند لزم منه تأخير المسند، إذًا يتأخر المسند لكون المسند إليه أهم في الذكر - كما مر في تقديم المسند إليه - والأصل في المسند هو التأخير، (وَعَكْسُهُ) أي: عكس التأخير وهو التقديم فلتخصيصه بالمسند إليه، أي: لقصر المسند إليه على المسند نحو: تَمِيمِيٌّ زَيْدٌ. عكسه عكس التأخير وهو التقديم، إذا تقدم المسند على المسند إليه قد يفيد الحصر والقصر - كما سيأتي وقد يكون في بابه - تَمِيمِيٌّ زَيْدٌ، أي لا غيره لا ينسب لغير تميم. فِي الدَّارِ زَيْدٌ، في الدَّارِ فقط زيد طيب. فِي الْبَلَدِ عَالِمٌ. عالم واحد. إذًا تَمِيمِيٌّ زَيْدٌ يعني: أنه مقصور على التميمية لا يتجاوزها إلى غيرها، أو للتنبيه يعني كما أنه يأتي للتخصيص يأتي للتنبيه على أنه خبر من أول وهلة لا نعت، لَهُ هِمَمٌ لا مُنْتَهَى لِكِبَارِهَا، في الدار زيد هذا قد لا يكون التخصيص، لَهُ هِمَمٌ لا مُنْتَهَى لِكِبَارِهَا، إذ لو قيل: هِمَمٌ لَهُ. لتوهم أنه نعت - كما مر معنا - أن النكرة إذا جاء بعدها وصف، إذا جاء بعدها لفظ قد يكون اسمًا وقد يكون ظرفًا أو جارًا ومجرورًا حينئذٍ احتياج النكرة إلى الصفة أشد من احتياجها إلى الخبر، احتياج النكرة إلى الصفة أشد افتقارًا من احتياجها إلى خبر، فإذا جاءت النكرة حينئذٍ يتوهم مباشرة الذهن أن ما بعده صفة له، هِمَمٌ لَهُ ماذا بها؟ هذا يحتمل أن له نعت بهمم وأن الخبر لم يأت بعد، فإذا قدمته حينئذٍ أفاد ماذا؟ أنه خبر من أول وهلة، إذ لو قيل: همم له. توهم أنه نعت لشدة طلب النكرة للنعت، أو للتفاؤل إذا أخذنا من المسند التفاؤل، (سعدت بغرة وجهك الأيام) سعدت الأيام، أو لتشوق الناس إلى ذكر المسند إليه بأن يكون في المسند طول يقتضي ذلك نحو:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها، شمس الضحى هذا مبتدأ مؤخر، قدمت هنا ماذا؟ المسند الذي هو ثلاثة، فيه تشويق أو لا؟ عندما تسمع ثلاثة تشرق الدنيا تظن أنك واحد منهم. إذًا (وَعَكْسُهُ) أي: التأخير أو التقديم ... (يُعْرَفُ) يعني: يعرف أكثرها مما تقدم في المسند إليه، الوصف هذا مبتدأ و (يُعْرَفُ) الجملة خبر عن المبتدأ، والتعريف والتأخير عكسه معطوفات على ما سبق، (وَالتَّنكِيرُ) أيضًا (يُعْرَفُ) مما تقدم في المسند إليه، فلإرادة عدم العهد وعدم الحصر الدال عليهما التعريف نحو: زَيْدٌ كَاتِبٌ، وَعَمْرٌ شَاعِرٌ. وللتفخيم نحو:{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٢] على أنه خبر محذوف، للتحقير ما زيد شيء، فكل ما يتأتى في المسند إليه في التنكر يتأتى هنا. والله أعلم.
(الْبَابُ الرَّابِع) في (أَحْوَالُ مُتَعَلَّقَاتِ الْفِعْلِ) الباب الرابع من الأبواب الثمانية (أَحْوَالُ مُتَعَلَّقَاتِ الْفِعْلِ).