للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هذا - الكلام السابق - تقرر أن المراد بالمفعول المفعول به، لأن هذا تمهيد لحذفه، وإن كان سائر المفاعيل [من] جميع .. نعم، وإن كان سائر المفاعيل بل جميع المتعلقات كذلك فإن الغرض من ذكرها مع الفعل إفادة تلبسها لكن من جهات مختلفة، قد يكون لذات الفعل من حيث إيقاع الحدث، ومن حيث كونه محلاً لوقوع الحدث ومن حيث صفات الحدث، من حيث الزمان والمكان وغيرها، فإن الغرض من ذكرها مع الفعل إفادة تلبسها من جهات مختلفة كالوقوع فيه وله ومعه وغير ذلك، (لاَ كَوْنُ)، لا كونِ (ذَاكَ قَدْ جَرَى) يعني: لا من أجل كون ذاك الفعل قد جرى أي وقع، ليس المراد تلبس الفعل مع الفاعل أو مع المفعول لكونه يدل على أن الحدث قد وقع، ليس هذا المراد وإنما المراد كون الحدث واقعًا لكن من حيث الفاعل ومن حيث المفعول به، لأنك لو أردت أن تدل على إيقاع الضرب فقط حينئذٍ قلت: وقع ضرب، وُجِدَ ضرب ما تحتاج أن تقول: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا. لتدل على أن مدلول هذا اللفظ إيقاع ضَرْبٍ فحسب، لا، ليس هذا المراد؛ لأن ضرب يدل على إيقاع حدث لكنه مخير في الزمن الماضي، لو أردت أن تخبر بأن ثَمَّ ضربًا قد وقع بقطع النظر عن زمنه وفاعله ومفعوله تقول: حصل ضَرْبٌ، وَقَعَ ضَرْبٌ. لكن من الضارب؟ من المضروب؟ متى وقع؟ هذا لا يحتاج إليه في هذا التركيب، وإنما تأتي بوقع ضرب، إذا قلت: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا. لا تفيد هذا التركيب الذي سبق بيانه، إذًا لا من أجل كون ذلك الفعل قد جرى أي: وقع أي: ليس الغرض من ذكر المفعول به مع الفعل إفادة وقوع الفعل وثبوته في نفسه من غير إرادة أن يُعْلَمَ مِمَّنْ وَقَعَ، وعلى مَنْ وَقَعَ، إذ لو كان الغرض ذلك لكان ذكر الفاعل والمفعول معه عبثًا، نعم، لو كان المراد مجرد إيقاع الضرب كقولك: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا. زَيْدٌ عَمْرًا هذا عبث لماذا تذكره؟ إذا أردت الإخبار بإيقاع ضرب وقع ضرب بقطع النظر عن كونه من زيد أو على عمرٍ، فإذا ذكرت الفاعل مع المفعول فثَمَّ معنى آخر يدل عليه التركيب ليس هو إفادة إيقاع الضرب فحسب، ولذلك قال: (لا) (مِنْ أَجْلِ) (كَوْنُ ذَاكَ) أي: الحدث. (قَدْ جَرَى) وقع فقط، لأن هذا لا يُعَبَّر عنه بذكر الفاعل والمفعول، بل تحذف الفاعل وتحذف المفعول بل تأتي بمصدرٍ قد أسند إلى فعل آخر كـ وقع وحصل.

إذًا إذ لو كان الغرض ذلك لكان ذكر الفاعل والمفعول معه عبثًا، يعني: من غير ذكر الفاعل أو المفعول، لكونه حينئذٍ عبثًا فليس في هذا التركيب شيء من متعلقات الضرب، يعني الحاصل.

إذًا حاصل ما ذكره المصنف هنا حاصل الفعل مع المفعول، كالفعل مع الفاعل في ماذا؟ في أن الغرض من كل منهما إفادة التلبس به، لا إفادة وجوده يعني حصول الحدث فقط، وإلا قيل: وُجِدَ ضرب مثلاً إلا يعني من غير ذكر الفاعل والمفعول، وإلا لو كان كذلك لذكر الفاعل والمفعول يعد عبثًا، إلا أن جهة التلبس تختلف، ففي الفاعل من جهة وقوعه منه، وفي المفعول من جهة وقوعها عليه، والمميز لذلك الرفع في الفاعل والنصب في المفعول به كما هو مبين في علم النحو.

ثم قال - انتقل إلى مسألة أخرى -:

................... ... وَإِنْ يُرَدْ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ ذُكِرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>