للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثال الأول قال: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} [ص: ٦٥]. وقد يخرج عن ذلك فينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب، ولذلك قال:: (وَقَدْ يُنَزَّلُ) (قَدْ) للتحقيق (قَدْ يُنَزَّلُ) ما هو؟ (وَقَدْ يُنَزَّلُ) المعلوم [أحسنت] المعلوم (وَقَدْ يُنَزَّلُ) نائب الفاعل يعود إلى المعلوم (يُنَزَّلُ ** مَنْزِلَةَ المَجْهُولِ)، إذًا (يُنَزَّلُ ** مَنْزِلَةَ المَجْهُولِ) ما الذي يُنَزّل مُنَزّلة المجهول؟ هو المعلوم، إذًا الضمير نائب الفاعل يعود إلى (مَا)، (وَقَدْ يُنَزَّلُ) المعلوم (مَنْزِلَةَ المَجْهُولِ) يجوز فيه الوجهان هذا من ما ينكر عليه، دائمًا تقول يُنَزَّلُ مُنَزلَةَ والشائع عند أهل العلم (يُنَزَّلُ ** مَنْزِلَةَ) وهذا الذي استخدمه هنا أقول: يجوز الوجهان. نَزَلَ مَنْزِلَةَ هذا واضح أنه بالتخفيف، وَيُنَزَّل يجوز فيه الوجهان في المقابل مُنَزَّلَةَ وَمَنْزِلَةَ يجوز فيه التشديد ويجوز فيه التخفيف، (وَقَدْ يُنَزَّلُ ** مَنْزِلَةَ المَجْهُولِ) لاعتبار المناسب يعني لاعتبار المقام فيستعمل له القصر بما وإلا إفرادًا وقلبًا، مثال الإفراد {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} [آل عمران: ١٤٤] هذه الآية خوطب بها الصحابة والأصل في الاستعمال ما وإلا أن يكون المخاطب يجهل ما دل عليه أو دلت عليه الجملة، وهل الصحابة يجهلون أن محمد رسول؟ يجهلون؟ لا. إذًا هنا نُزِّلَ المخاطب مُنَزّلة من يجهل ما دلت عليه الجملة، واضح هذا؟ الأصل في استعمال ما وإلا أن يكون المخاطب يجهل ما دلت عليه الجملة وهنا هذا الأصل لما كان الخطاب للصحابة يعلمون أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رسول، إذًا لماذا جيء بما وإلا؟ لا بد من فائدةٍ أخرى، المراد هنا الشاهد أنه استُعمل التركيب في من يَعْلَمُ ونُزِّلَ مُنَزّلة الجاهل، أي هو مقصورٌ على الرسالة هذا كلام السيوطي في ((شرح عقود الجمان)) فيستعمل له القصر نعم {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} أي هو مقصورٌ على الرسالة لا يتعداها. إلى أي وصفٍ؟ إلى التبري من الهلاك، فإنه خطابٌ للصحابة وهو عالمون بأنه غير جامعٍ للرسالة والتبرئ من الهلاك لكنهم لما استعظموا مماته نُزِّلَ مُنَزّلَة إنكارهم إياه فاستُعمل له النفي وإلا، يعني الصحابة ماذا؟ كان يظن بعضهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعتريه الموت، فلما نزلت الآية {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} إذًا هو مقصورٌ على الرسالة ولا يكون مقصورًا على عدم الهلاك، يعني بمعنى أن عدم الهلاك ليس وصفًا مختصًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يموت، بل هو بشرٌ كسائر البشر فيلحقه الموت، وإنما هو مقصورٌ على الرسالة، والرسالة لا ينافيها الموت. إذًا نُزِّلَ الصحابة لكون بعضٍ قد أنكر أو كاد أن ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - مات نُزِّلَ مُنَزّلة أنه لا يعرف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مختصٌ بالرسالة. إذًا قوله: هو مقصورٌ على الرسالة لا يتعداها إلى التبري من الهلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>