للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقف على المنصوب منه بالألف، إذًا طلبا، هذا الأصل، لغة ربيعة تقف عليه بالسكون كالمجرور والمرفوع، فإذا جاء مثل هذا التركيب إذا كان طلب لا يقال أين الألف التي تكون مبدلة عن التنوين نقول: هذا جرى على لغة ربيعة من باب الاعتذار له. إذًا (طَلَبْ) خبر كان منصوب وقف عليه على لغة ربيعة (مَا هُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ)، (مَا) أي الذي (هُوَ) أي الطلب أو المطلوب. (غَيْرُ حَاصِلٍ) يعني غير موجود وقت الطلب، لأن طلب ما يكون موجودًا محال يكون محالاً من باب تحصيل الحاصل، فقوله: (مَا هُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ) أي وقت الطلب. أي أن الإنشاء الطلبي أو الإنشاء إذا كان طلبًا استدعى مطلوبًا غير حاصل، (مَا هُوَ)، (هُوَ) الضمير يعود على المطلوب، يعني الطلب يتعلق باللفظ أو بإرادة المتكلم، وأما المطلوب هذا متعلق بالمخاطب. إذًا نقول: (مَا هُوَ) أي المطلوب (غَيْرُ حَاصِلٍ) أي: وقت الطلب سواء وُجِدَ ثم عدم، أو لم يكن ابتداءً. يعني المراد أنه غير موجود وقت الطلب، وإذا كان كذلك حينئذٍ إما أن يكون موجودًا ثم عُدِمَ، وإما أن لا يكون موجودًا ابتداءً، فيشمل النوعيين، لماذا؟ قالوا: لامتناع الطلب الحاصل فإنه محال، فلو اسْتَعمل أو اسْتُعمل صِيَغِ الطلب نحو: ليت لي مالاً. لمطلوب حاصل حينئذٍ امتنع إجراؤها على معانيها الحقيقية وهو المطلوب غير الحاصل، يعني: لو جاء في لسان العرب أو جاء في القرآن لفظ وقد كان المطلوب حاصلاً حينئذٍ لا بد من حمله على المعنى المجازي، لماذا؟ لكون الطلب إنما يتوجه إلى شيء غير موجود، وإذا كان كذلك حينئذٍ إذا جاء الطلب لشيء موجود إما أن نقول بأنه تناقض وهذا قد لا يقال به، وإما أن يقال بأن له محملاً حسنًا وهو المجاز، ومن هنا قال النحاة أن الأمر دلالته على إيجاد شيء غير موجود أو ديمومة الموجود، لأن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: ١] {وَاتَّقِ} [الأحزاب: ٣٧] وهو فعل أمر طلب شيء غير موجود، كيف نصنع في هذا الفعل {اتَّقِ اللَّهَ} هل التقوى غير موجودة؟ قالوا: هنا نوجه الكلام إلى أمرين، المطلوب بصيغة افعل إما أن لا يكون موجودًا فيطلب وجوده قم كان قاعدًا قلت له: قم. حينئذٍ حصل شيء لم يكن موجودًا، إن كان موجودًا قالوا: لا بد أن نجعل الطلب هنا لشيء غير موجود للقاعدة هنا لأن الطلب لا يتوجه إلا إلى شيء غير حاصل، قالوا: هنا {اتَّقِ اللَّهَ} الديمومة هذه شيء معدوم لم تقع بعد، فالمسئول أو المطلوب هنا {اتَّقِ اللَّهَ} المراد به دم على التقوى وهذا كقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: ١٣٦] آمَنُوا وصفهم بالإيمان إذًا كيف يطلب منهم شيئًا قد حصل نقول: من باب تحصيل الحاصل {آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ} آمِنُوا الأول حصل به الإيمان، ثم الإيمان قد يزول ولا يثبت، ثم أمر آخر وهو الديمومة والثبات على الإيمان هو الذي تعلق به مدلول آمِنُوا الثاني، حينئذٍ إما إيجاد شيء لم يحصل فيكون مدلول افعل، وإما الشيء الثاني وبه توجه الآيتان وهو ديمومة ما قد حصل، والديمومة معدومة حينئذٍ تعلق الأمر بشيء معدوم وجرى على القاعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>