هل لكل عنبة من هذه الأفراد هي مراده بذاتها أو المجموع؟
المجموع. إذًا شبه هيئة بهيئة، كأنه قال: كهيئة الثُّرَيَّا في الاجتماع والنور والاستضاءة كهيئة عنقود مُلاَّحِيَّة كأنها عنقود من عنب، عرفتموه هذا مثله.
إذًا الوجه هنا الهيئة الحاصلة من تقارن الصور البيض المستديرات الصغار المقادير في رأي العين، فهنا ماذا صنع؟ قالوا: نظر إلى عدة أشياء وقصد إلى الهيئة الحاصلة منها، هذا المركب الحسيّ لأن الثُّرَيَّا ونورها يُدرك بالحسّ، وعنقود الْمُلاَّحِيَّة يُدرك بالحسّ بالبصر. إذًا مركب حسيّ.
المركب العقلي كقوله تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً}[الجمعة: ٥]. شَبَّه ماذا؟ الذين يحملون التوراة بالحمار، بجامع ماذا؟ قالوا: الوجه هنا حرمان الانتفاع، حمار يحمل أسفارًا فلم ينتفع بها، وهؤلاء الحمير البشرية حَمِلُوا التوراة فلم ينتفعوا بها، إذًا شبه هذا بذاك في ماذا؟ بجامع الحرمان، كل منهما محروم مما حمله، الوجه حرمان الانتفاع بأبلغ نافعٍ الذي هو التوراة مع تحمل التعب في اصطحابه وهو أمر عقليّ مأخوذ من أمور متعددة، هذا الأمر العقلي مأخوذ من أشياء متعددة، وهي صورة، يعني ليس كل واحد منها مقصودًا بذاته، بل المراد به الهيئة، لأنه رُوعِيَ فيه من جهة الحمار فعل مخصوص وهو الحمل، ومحمول مخصوص وهو الأسفار المشتملة على العلوم، إذًا حمار وشيء يحمله إذًا عندنا حمل، والحمل هذا ليس مطلق حمل وإنما المراد به الأسفار، والأسفار المراد بها كتب العلم التي فيها علم النافع، وهو الأسفار المشتملة على العلوم، وكون الحمار جاهلاً بما فيها، هذا أمر تزيده حمار وهو كاسمه جاهل ويحمل شيئًا مخصوصًا، ثُمَّ هذا الشيء المخصوص ليس كل شيء، وإنما شيء ينتفع به، وكذلك رُوعِيَ من جهة الْمُشَبَّه الذين يحملون التوراة فعل مخصوص وهو الحمل للتوراة لأنها بأيديهم، ومحمول مخصوص وهو التوراة المشتملة على العلوم، وكون اليهود جاهلين بما فيها حقيقةً أو حكمًا لعدم عملهم بمقتضاها. إذًا الصورة التي حصلت في التشبيه هنا مركب عقليّ، مركب من ماذا؟ من كونه الْمُشَبَّه به حمار، وثَمَّ فعل وهو حمل، والمحمول ثُمَّ عدم الانتفاع، هذه أربعة، أشياء ليس كل واحد منها مقصودًا لذاته، فليس الحمار هو المقصود لذاته فقط، وإنما بكونه حاملاً، وليست الأسفار مقصودة لذاتها بل المراد بها أنها شيء يُنتفع به، شُبِّهَ من يحمل التوراة ولم يعمل بما فيها بالحمار. إذًا هذا يسمى ماذا؟ مركبًا عقليًّا.
ومثال المتعدد الحسيّ تشبيه فاكهة بأخرى في اللون والطعم والرائحة، في لونها وهو مقصود لذاته، وطعمها وهو مقصود لذاته، ورائحتها وهو مقصود لذاته.
إذًا كل واحد من هذه الأشياء مقصودة لذاتها، لم ننظر إلى الهيئة المجتمعة ليس عندنا هنا هيئة مجتمعة، وإنما كل واحد من هذه الأشياء مقصودًا لذاتها، والعقليّ تشبيه رجل بآخر في العلم والحياء والحلم، هذه كلها مدركة بالعقل. إذًا متعدد الحسيّ كتشبيه فاكهة بأخرى فيما ذُكِر، والمتعدد العقلي تشبيه زيد بعمرو في العلم والحياء والأخلاق، هذه كلها مدركة بالعقل.