للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا تقسيم مفرد بمفرد سواء كان المفرد مقيد أو غير مقيد، إذا قُيِّدَ المفرد بقيد أو بظرف أو بجار ومجرور هل يخرجه عن كونه مفردا؟ الجواب: لا. حينئذ يختلف التشبيه، المفرد الْمُقَيّد ليس كالمفرد غير المقيد، يعني من جهة كمال المعنى، لأنه إما تشبيه مفرد بمفرد، وهما أي التشبيه المفرد بالمفرد مقيدان كقولهم لمن لا يحصل من سعيه على طائل هو كالراقم على الماء، فالْمُشَبَّه الساعي مفرد وهو مقيد بأنه لا يَحْصُل أو يُحَصِّل من سعيه على شيء، إذا ساعي ليس مطلق الساعي ليس كل ساعي، وإنما ساعٍ معين وهو الذي يسعى ويسعى، لأن الساعي نوعان: ساعي يسعى ويحصل كل ما يريد، وساعي يسعى ولا يحصل شيء مما يريد. وبين بين وهذه قسمة، وإذًا فالْمُشَبَّه هو الساعي وهو مفرد مقيد بأن لا يَحْصُل أو يُحَصّل من سعيه على شيء، والْمُشَبَّه به الراقم مقيد بكون رقمه على ماذا؟ على الأرض أو على الماء؟ على الماء، إذًا كلّ منهما مقيد، الساعي مقيد بكونه لا يُحَصّل على شيء من سعيه، والراقم الذي يكتب كونه مقيدًا بكونه يكتب على الماء. إذًا هذا مفرد بمفرد، وكل منهما مقيد، لأن وجه الشبه التسوية بين الفعل وعدمه، وهو موقوف على اعتبارها بين القيدين، أو غير مقيدين كتشبيه الخد بالورد، الخد غير مقيد والورد غير مقيد، أو مختلفين يعني الأول مقيد والثاني غير مقيد، نحو ماذا؟ والشمس قول الشاعر:

والشمس كالمرآة في كفِّ الأشل

الشمس مشبه، والمرآة مشبه به، لكنه مقيد في كف الأشم، يعني تبرق لها بريق، لو وضعت المرآة في يد الأشل تهتز، الشمس مثلها ضوءها، تشبيه ... #٥٠.٣٧. إذًا الشمس كالمرآة في كف الأشل، الْمُشَبَّه به وهو المرآة مقيد بكونه في كف الأشل، بخلاف الْمُشَبَّه وهو الشمس، وعكسه أن يكون الْمُشَبَّه غير أن يكون الْمُشَبَّه مقيدًا والْمُشَبَّه به غير مقيد، لو عكسنا المثال السابق: المرآة في كف الأشل كالشمس، صار مشبه مقيد والْمُشَبَّه به غير مقيد، هذا مفرد بمفرد، إما أن يكون مقيدين، أو غير مقيدين، أو مختلفين. وتشبيه المركب بالمركب بأن يكون كل من الطرفين كيفية حاصلة من مجموع أشياء قد تضامت وتلاصقت حتى صارت شيئًا واحدًا، وهذا كالمثال السابق الثُّريا والعنقود والجمع بينهما الهيئة المنتزعة من أشياء متعددة، وإما تشبيه مركب بمفرد كقوله:

تَريا نهارًا مُشَمَّسًا قد شابه ... زَهْرُ الرُّبَا فكأنما هو مُقْمِرُ

فالْمُشَبَّه هنا وهو نهار مشمس شابه أي خالطه الزهر، وهذا مركب، والْمُشَبَّه به وهو مقمر مفرد، إذا هنا مركب بمفرد. الأول: قال: هو مُقْمِر نهار مُشَمَّسٌ قد شابه زهر الربا هذا مشبه، والْمُشَبَّه به فكأنما هو مقمر.

والرابع تشبيه مفرد بمركب عكس السابق، كما مرّ في تشبيه الشقيق وهو مفرد بأعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد، وهو مركب من عدة أمور.

إذًا أربعة أقسام للطرفين من أراد التوسع يرجع إلى كتب أُخَر.

<<  <  ج: ص:  >  >>