اكتفاءً بجزء العلة هذا أحسن ما ... اكتفاءً بجزء العلة، أو بالنظر إلى الناظرين قبل النقل وبعد النقل، قُلِبَتِ الواو ألفًا لتحركها في الأصل مَجْوَز وانفتاح ما قبلها في الحال بعد النقل، وهذا فيه تكلف، والأولى أن يقال اكتفاء بجزء العلة. وهو في الأصل مصدر نُقِلَ إلى الكلمة الجائزة أي المتعدية مكانها الأصلي، أو الكلمة الْمَجُوزِ بها، يعنى إما أن يكون اسم فاعل، وإما أن يكون اسم مفعول. إما كلمة جائزة يعني جازت وتعدت مكانها الأصلي، وإما كلمة مَجُوزٌ بها يعني تُعُدِّيَ بها مكانها الأصلي على أنهم جازوا بها مكانها الأصلي، هذا إذا جُعِلَ ماذا؟ اسم مفعول فهو مصدر ميمي بمعني الفاعل أو بمعنى المفعول، وأيهما أولى؟ الأولى أن يُجْعَل بمعنى اسم الفاعل، لماذا؟ لأن عدم التقدير أولى من التقدير، لأن إذا قلت: جائزة. إذا ليس عندنا تقدير، مَجُوز بها لا بد من التقدير، كلمة جائزة يعني متعدية مكانها الأصلي ليس عندنا تقدير، مَجُوزٌ بها عندنا تقدير، وعدم التقدير أولى من التقدير، إذا الأول الذي هو كونها بمعنى الفاعل أولى لعدم احتياجه إلى تقدير، وأعلم أن المقصود هنا في البحث الأصلي النظر الأصلي في علم البيان إنما هو المجاز، ولذلك الناظم لم يذكر الحقيقة، لكن لا يمكن أن يفهم المجاز إلا بذكر الحقيقة، وإنما ذَكَرَ المجاز لأنه هو الذي يتأتى به اختلاف الطرق دون الحقيقة إلا أنها لما كانت الأصل للمجاز، إِذِ الاستعمال في غير ما وضع له فرع الاستعمال في ما وضع له. الكلمة أو اللفظ إذا اسْتُعْمِلَ فيما وضع له في لسان العرب هذا أصل، وإذا استُعملت في غير ما وُضِعَ له هذا فرع، حينئذٍ لا يفهم الفرع إلا بفهم أصله، فلما كان اسْتِعْمَال اللفظ في غير ما وُضِعَ له فرعًا عن استعمال اللفظ فيما وُضِعَ له حينئذٍ تعين الكلام عن الحقيقة، ولذلك جرت العادة عند البيانين أن يبدأ البحث بالحقيقة أولاً، والحقيقة في الأصل فَعِيل بمعنى فَاعِل، من حَقَّ الشيء إذا ثَبَتَ، أو بمعنى مفعول لأن فَعِيلاً في اللغة يأتي بمعنى فاعل ويأتي بمعنى مفعول، مِنْ حَقَّقْتُه إذا ثَبَّتُهُ، نُقِلَت إلى الكلمة الثابتة أو المثبتة في مكانها الأصلي. إذًا الحقيقة فَعِيل بمعنى فاعل، إما بمعنى فاعل يعني الثابتة، أو بمعنى مفعول يعني الْمُثْبَتَة في مكانها، يحتمل هذا وذاك، لكن إذا كانت بمعنى الْمُثْبَتَة حينئذٍ تكون التاء هنا للوصفية في الأصل .. #٥٨.١٣ وعُرْفًا الكلمة المستعملة في مَعْنًى وُضِعَتْ له باصطلاح التخاطب، يأتي شرحه بعد الصلاة إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.