قال الناظم:(ثُمَّ المَجَازُ فَافْهَمَي مُفْرَدًا أَوْ مُرَكَّبًا). (ثُمَّ المَجَازُ فَافْهَمَي) المجاز ينقسم إلى قسمين: مفرد، ومركب. وهما يختلفان، وإذا اختلفا فحينئذٍ لا يمكن جمعهما في تعريف واحد، وإنما نقسم ثم نعرِّف فنقول: هو قسمان: مفرد، ومركب. قال:(مُفْرَدًا)(فَافْهَمَي مُفْرَدًا). مفردًا يعني المجاز المفرد حقيقته هو الكلمة المستعملة في غير ما وُضعت له في اصطلاح التخاطب، عكس الحقيقة السابقة، لأن الحقيقة السابقة المراد بها المفردة على وجه يصح مع قرينة عدم إرادته، الكلمة عرفنا المراد بالكلمة، المستعملة خرج المهملة، وخرج بقوله: في غير ما وضعت له. الحقيقة؛ لأن الحقيقة مستعملة فيما وُضعت له. وما له معنى آخر باصطلاح آخر كالصلاة في العبادة، هذا خرج، والغلط خرج كذلك، لأنه على وجه لا يصح، وبقيد ثم في قوله السابق هنا ما هو التعريف؟ وهو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له. هذا القيد يُدخل المجاز المستعمل فيما وضع له في اصطلاح آخر كلفظ الصلاة إذا استعملها المخاطِب بعرف الشرع في الدعاء مجازًا، وهو داخل أو خارج؟ هذا داخل، لماذا؟ لأن قوله: في غير ما وُضعت له في اصطلاح التخاطب. إذًا العبرة هنا بماذا؟ بالتخاطب، فالنظر يكون باعتبار الشرع مثلاً إذا استعمل لفظ الصلاة في العبادة المخصوصة حقيقة أو مجاز؟ حقيقة لأنه وضع لفظ الصلاة للعبادة المخصوصة، إذا استعمل الشارع الصلاة في الدعاء وهو مجاز يُسمى مجازًا شرعيًّا هذا داخل أم خارج؟ هو مجاز، عَبَّرت عنه مجاز إذًا لا بد من إدخالها، لأننا قلنا ماذا؟ في غير ما وُضعت له في اصطلاح التخاطب، إذًا ما وضع له في اصطلاح التخاطب استعماله فيه حقيقة، استعمال ما وضع في اصطلاح التخاطب في غير ما وضع له هذا مجاز، يعني استعمال الصلاة في العبادة المخصوصة حقيقة باعتبار الشارع، وإذا استعمل الصلاة في الدعاء فهو مجاز. إذًا لا بد من إدخاله، وإدخاله يكون بقوله: في غير ما وُضعت له في اصطلاح التخاطب، كلفظ الصلاة إذا استعملها المخاطب بعرفه الشرع في الدعاء مجازًا، فإنه وإن كان مستعملاً فيما وُضِع له في الجملة لأنه من ما وضع له في لسان العرب فليس بمستعمل فيما وضع له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب أعني الشرع. إذًا الغلط خرج بقوله: على وجه يصح. إذ المراد بقوله: على وجه يصح. أن يوافق ما نُقل عن العرب، لأن الوصف بالحقيقة والمجاز نوعان لنوع الكلام، الْكلام ينقسم إلى حقيقة ومجاز كما أنه ينقسم إلى خبر وإنشاء. إذًا ما يجعل في قواعد الخبر وهي أوصاف للكلام وما جُعل من قواعد الإنشاء وهي أوصاف للكلام، كذلك الشأن في الحقيقة والمجاز، فلا بد أن يكون كل واحد من هذه الأوصاف منقول عن العرب، فكما قسمنا أن هذا خبر، لماذا؟ لأن العرب نطقت به كذا، وهذا إنشاء لماذا؟ لأن العرب نطقت به كذا. إذًا نوع الخبر منقول عن العرب، ونوع الإنشاء منقول عن ... ، كذلك الحقيقة نوعها منقول عن العرب، وكذلك الشأن في المجاز.