للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا لا بد أن يتمعن فيه الطالب قبل أن يتكلم في مسألة هل اللغة فيها مجاز أم لا؟ يفهم ما هو المجاز، ويأخذ أمثلة كثيرة جدًا، ويتمعن في القرآن وفي السنة وفي ما نُقِلَ عن العرب فإذا أدخل المجاز وتصوره على وجه، ثم بعد ذلك ينتقل إلى المسألة الثانية هل اللغة فيها مجاز أم لا. أما العكس الموجود الآن فهذا خلل في التصور، تكلم في مسألة اللغة فيها مجاز أو لا وهو لا يحفظ تعريف المجاز بل لا يفهم معنى المجاز. أو (مُرَكَّبًا) أو يكون المجاز مركبًا مقابل للمفرد، فالمجاز المركب هو اللفظ المستعمل فيما شُبِّهَ بمعناه الأصلي تشبيه تمثيل، وهو ما يُسمى بالاستعارة التمثيلية، هو المجاز المركب، وفيه خلاف هل هو مجاز أو لا؟ بأن يكون وجه الشبه منتزعًا من متعددٍ للمبالغة في التشبيه كما يقال للمتردد بأمر: إِنِّي أَرَاكَ تُقَدِّمُ رِجْلاً وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى. قالوا: هذا مجاز مركب أو استعارة تمثيلية، يُسمى استعارة: إِنِّي أَرَاكَ تُقَدِّمُ رِجْلاً وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى. هذا يفكر في أمر معنوي هل يقدم على هذا الشيء أم لا؟ ولا شك أن تقديم الرجل وتأخيرها هذا يكون في الشيء الحسي. إذًا نُقِل اللفظ شَبَّهَ صورة تردده في ذلك الأمر وقد يكون معنويًّا وقد يكون حسيًّا بصورة تردد من قام ليذهب، فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلاً، وتارة لا يريد فيؤخر أخرى، فاستعمل في الصورة الأولى الكلام الدال على الصورة الثانية، يعني هو لم يقل هذا اللفظ إلا في الذهاب رجل أراد أن يخرج أو لا؟ فتردد، قام فجلس، قدم فأَخَّر، رجل آخر تردد في أمر ما حينئذٍ يستعمل هذا التركيب مرادًا به تردده في الأمر الذي أراد أن يُقْدِم عليه مع التردد، حينئذٍ شَبَّهَ صورة بصورة، إذًا مَثَّلَ صورة بصورة والجامع بينهما ما ذكرنا، وَوَجْهُ التشبيه نعم وهو الإقدام تارة، والإحجام أخرى، هذا وجه الشبه، الإقدام تارة والإحجام منتزع من عدة أمور، ويُسمى هذا المجاز التمثيل على سبيل الاستعارة، سُمِّيَ تمثيلاً لكون وجهه منتزعًا من متعدد، وعلى سبيل الاستعارة لأنه قد ذُكر فيه المشبه به وأريد المشبه كما هو شأن الاستعارة رَأَيْتُ أَسَدًا يَرْمِي - سيأتي بحث الاستعارة -.

إذًا مركبًا المراد به اللفظ المستعمل فيما شُبِّهَ بمعناه، أي بالمعنى الذي يدل عليه ذلك اللفظ بالمطابقة بمعناه الأصلي تشبيه تمثيل، بأن يكون وجهه منتزعًا من متعددٍ، والمثال هو ما ذكرناه وبحثه يكون في الاستعارة التمثيلية ولم يذكرها المصنف هنا.

ثم قال رحمه الله تعالى: (وَتَارَةْ ** يَكُونُ مُرْسَلاً أَوِ استِعَارَهْ

يُجْعَلُ ذَا ذَاكَ ادِّعَاءً أَوِّلَهْ).

المجاز المفرد يتنوع إلى نوعين ينقسم إلى موقعين:

استعارة، ومجاز مرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>