للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه حقيقة الاستعارة وهي مجاز علاقته المشابه. اختلفوا في الاستعارة هل هي مجاز لغوي أو مجاز عقلي؟ على قولين، ونذكره لأن المصنف أشار إليه قوله: (بِجْعَلُ ذَا ذَاكَ ادِّعَاءً أَوِّلَهْ). إذًا اختلفوا الاستعارة التي هي مجاز علاقته المشابه، هل هي مجاز لغوي أو مجاز عقلي؟ على قولين، فالجمهور تعرفون الجمهور، يعني الكثرة الغالبة على أنها مجاز لغوي، على أنها الاستعارة مجاز، اتفقوا على أنها مجاز، لكن ما نوع المجاز؟ هل هو لغوي أم عقلي؟ هنا محل النزاع، فاتفقوا على أنها مجاز واختلفوا في الدلالة، فالجمهور على أنها مجاز لغوي بمعنى، ما معنى المراد بالمجاز اللغوي؟ أنها لفظ، إذًا لفظ، اسْتُعْمِلَ في غير ما وُضع له لعلاقة المشابه، وهو الذي عرفنا عليه ما سبق وهو الصحيح، ولذلك جرينا على التعريف السابق، لفظ استُعمل في غير ما وُضع له لعلاقة المشابه، قالوا: لا شك أنها موضوعة للمشبه به لا للمشبه، ولا لأعم منهما. لفظ أسد في أصل وضعه - أنتم معي الآن - لفظ أسد في أصل وضعه عندنا مشبه وعندنا مشبه به، أنت قلت ماذا؟ رَأَيْتُ أَسَدًا يَرْمِي، فالأسد هذا موضوع لماذا لأي شيء؟ للحيوان المفترس الجثة المخصوصة المعلومة أو للرجل الشجاع؟ هل هي موضوعه هل لفظ أسد موضوع للمشبه به أو للمشبه؟ للمشبه به، ثَمَّ احتمال ثالث أن يكون موضوعًا لما هو أعم منهما من الرجل الشجاع والجثة المعلومة وهو الحيوان الجريء، هل لفظ أسد موضوعه مدلوله اللغوي الحيوان الجريء فيعم الرجل الشجاع لأنه حيوان ويعم الجثة المخصوصة فهو حيوان، هل هذا موضوع له أم لا؟ نقول: لا، ولذلك قالوا: [ليس لفظ الأسد موضوعًا بل] نعم قالوا: لا شك أنها موضوعة للمشبه به، إذًا للمشبه به لا للمشبه، فلفظ الأسد لا يدخل تحته الرجل الشجاع، لماذا؟ لكون العرب نطقت بلفظ الأسد وله مدلول واحد وهو الحيوان المفترس، ولا لأعم منهما، يعني ما يعمّ المشبه والمشبه به، فأسد في قولك: رَأَيْتُ أَسَدًا يَرْمِي. موضوع للسبع المخصوص، واضح هذا؟ أسد في قولك: رَأَيْتُ أَسَدًا يَرْمِي. موضوع للسبع المخصوص لا للشجاع الذي يعم الحيوان وغيره، ولا لمعنى أعمّ منهما كالحيوان المجترئ، فحينئذٍ نقول: لو وضع بالشجاع، أو وضع للحيوان المجترئ، فاستعمال الأسد حينئذٍ يكون في معنى ما وُضع له، أو في غير معناه؟ ما أنتم معي؟

إذا قلنا: بأن لفظ الأسد مدلوله في لسان العرب الشجاع من حيث هو، فإذا استعملت قلت: رَأَيْتُ أَسَدًا يَرْمِي. استعملته فيما وُضع له، أو في غيره؟

فيما وُضع له.

إذًا صار حقيقة، لو كان مدلول الأسد الحيوان الجريء من حيث هو حيوان، فقلتَ: رَأَيْتُ أَسَدًا يَرْمِي. استعملته فيما وُضع له أو في غيره؟ فيما وُضع له.

إذًا صار حقيقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>