(أَوْ لاَ) يعني أي أو لا يكون اللفظ المستعار (اسْمُ جِنْسٍ)، إذا لا .. #١.٠٥.١٦ اسم جنسٍ يعني ما يدل على ذاتٍ عينٍ أو معنًى حينئذٍ هو فعلٌ وما اشْتُقَّ من الفعل، (أَوْ لاَ) يكون اللفظ المستعار اسم (اسْمُ جِنْسٍ) كالفعل وما يُشْتَقُّ منه من اسم الفاعل واسم المفعول وصفة مشبه .. وغير ذلك، وزيد الحرف على خلافٍ فيه، فالاستعارة تابعية هنا مد بالألف للوزن فَتَبعِيَّة تسمى تبعية (فَتَابعِيَّهْ) أي فالاستعارة تبعيةٌ يعني متابعة لشيءٍ سابق، لأنه ما من تبعيةٌ استعارة تبعية إلا وهي مسبوقة بأصلية، ولذلك سميت بهذا الاسم فتَبعِيَّة لجريانها في اللفظ المذكور بعد جريانها في المصدر، إن كان اللفظ المستعار مشتقًا مثل الأفعال والصفات المشتقة، والأفعال مشتقة، والصفات قد تكون مشتقة وقد لا تكون مشتقة، مشتقة مراد بها اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، مثاله قوله تعالى:{فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[آل عمران: ٢١] البشارة إنما تكون في ما يسر الشخص يعني يدخل السرور، وهنا قال:{فَبَشِّرْهُم} ينتظر ماذا؟ بالجنة بالثواب {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} في تهكم، شبه الإنذار لأن المقام هنا يقتضي فأنذرهم بعذابٍ أليم ليس {فَبَشِّرْهُم}، شبه الإنذار الذي هو مصدر المستعار له بالتبشير الذي هو مصدر المستعار منه، عندنا إنذار وعندنا تبشير، أين التشبيه هنا؟ أين المشبه به؟ الإنذار، أو التبشير، أو الإنذار؟
أيهما كالثاني؟ الإنذار كالتبشير، أو التبشير كالإنذار؟
هنا يقول: شبه الإنذار بالتبشير، الأصل هنا المقام يقتضي ماذا؟ فأنذرهم حذف أنذرهم وشبهه بماذا؟ بالتبشير فاستعمل اسم التبشير إذًا أين المشبه؟ التبشير.
أين المشبه به؟
لا، نحن الآن نَدَّعِي المشبه فردٌ من أفراد المشبه به، ندَّعِي أن الإنذار فردٌ من أفراد التشبيه، إذًا أين المشبه به؟
المذكور اللفظ الذي يُذكر أمامك هو لفظ المشبه به، وأما المشبه فلا، شبه الإنذار الذي هو مصدر المستعار له بالتبشير الذي هو مصدر المستعار منه.
إذًا التبشير هذا مستعارٌ منه، واستعير له اسمه تهكمًا، ثم اشتق منه الفعل فصارت الاستعارة إليه، يعني {فَبَشِّرْهُم} لم يأت بشر وأنذر، يعني لم تجد الاستعارة هنا بين الفعلين، قد يقول قائل: فبشر هذا فعل أمر. إذًا الأصل أنذر شبه أنذر وهو فعلٌ بماذا؟ بشر، نقول: لا، الاستعارة لا تجري بين الأفعال، وإنما تجري أولاً بين المصادر، فشبَّه الإنذار الذي هو مصدر أنذر بالتبشير الذي هو مصدر بشر، ثم صارت الاستعارة بعد ذلك إلى الفعل، ومثله {إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}[هود: ٨٧]، {إِنَّكَ لَأَنتَ} والأصل السفيه الَغَوِي فإنه شبه السفه والغي بالحلم والرشد واستعير لهما اسمهما، ثم اشتق منهما الوصف.