للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إرادة ذلك الملزوم ليس اللازم، إرادة ذلك الملزوم إذًا يُطلق اللفظ أصالةً على اللازم لازم المعنى، ولا يمنع أن يراد به المعنى الذي هو الملزوم، واضح هذا؟ (كِنَايَةٌ) وهو معنى قول القزويني: الكناية لفظ أريد به لازم معناه. ليس المعنى إنما أريد به لازم المعنى، مع جواز إرادته معه، أي إرادة ذلك المعنى مع لازمه، كلفظ طويل النجاد، طويل النجاد، وكثير الرماد، المراد بهما لازم معناهما، طويل النجاد المراد النجاد هنا حمائل السيف، حمائل السيف إذا كانت طويلة إيش معناه؟ أنه طويل. فإذا قلت: هذا طويل النجاد. أي طويل حمائل السيف. إذًا أطلقته على ماذا؟ على حمائل السيف، حينئذٍ نقول: هل يمنع إرادة اللفظ بحمائل السيف مع كونه طويل القامة أو يختص بالثاني دون الأول، أو بالأول دون الثاني؟ لا، الاحتمالات ثلاثة: طويل النجاد، حمائل السيف، طويل القامة يراد به المعنيان معًا، الأول أم الثاني أم الثالث؟ الثالث، فيراد به المعنيان، لكن ابتداءً المراد به اللازم طويل النجاد أي حمائل السيف. ويلحظ معه ماذا؟ أنه طويل القامة، هنا قال: كثير الرماد. يعني مضياف. كثير الرماد يعني الرماد كثير ويلزم منه ماذا؟ أنه مضياف، فيحتمل أو الأصل يكون إطلاق اللفظ وإرادة اللازم الذي هو مدلول مدلُول اللفظ كثير الرماد مع كونه مضيافًا، لماذا؟ لأنه إذا كان مضيافًا كثر ذبحه، وإذا كثر ذبحه كثر طبخه، وإذا كثر طبخه كثر إيقاده ويلزم منه كثرة الرماد، هذه لوازم متتابعة [ها ها] نعم، كلفظ طويل النجاد وكثير الرماد المراد بهما لازم معناهما، أعني طول القامة، يعني إذا استعمل طويل النجاد مرادًا به طول القامة، وكونه مضيافًا مع جواز إرادة حقيقة هذين اللفظين أيضًا وهو طول حمائل السيف وكثرة الرماد، يعني يحتمل أنه كنى عن طول القامة بطويل النجاد، ويحتمل أنه كنَّى عن ماذا؟ عن كونه مضيافًا بكثرة الرماد مع إرادة ظاهر اللفظين معًا، وسُمِّيَ هذا النوعين كناية لما فيه من إخفاء وجه التصريح به بالعلم.

وبهذا ظهر أن الكناية تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى الحقيقي للفظ مع إرادة لازمه، كإرادة طول النجاد مع إرادة طول القامة يجتمعان، بخلاف المجاز فإنه لا يصح فيه أن يراد المعنى الحقيقي مثلاً، فلا يجوز في قولنا: ... [رَأَيْتُ زَيْدًا يَرْمِي. أن يراد بالأسد] رَأَيْتُ أَسَدًا يَرْمِي لا يراد بالأسد هنا الحيوان المفترس، لا يجوز، لأنه صُرِفَ عن معناه الحقيقي إلى المعنى المجازي، لأنه يلزم في المجاز أن يكون معه قرينة مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي.

إذًا الكناية على ما ذكره صاحب ((التلخيص)) لفظٌ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة المعنى الحقيقي.

وأقسامها ثلاثة كما أشار إليه بقوله: (فَاقْسِمْ إِلَى

إِرَادَة النِّسْبَةِ أَوْ نَفْسِ الصِّفَةْ ** أَوْ غَيْرِ هَذَيْنَ).

الكناية ثلاثة أقسام أشار إليها الناظم بقوله: (فَاقْسِمْ) يعني الكناية، إلى ثلاثة أقسام:

<<  <  ج: ص:  >  >>