للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا ليس بحقيقة ولا مجاز، لأن الحقيقة العقلية والمجاز العقلي هو إسناد للفعل أو معناه إلى ما هو له في الأول، وإلى غير ما هو له في الثاني.

إذًا لا بد من إسناد الفعل أو معناه في الموضعَيْنِ الحقيقة العقلية والمجاز العقلي.

فإذا لم يكن عندنا إسناد فعل أو في معنى الفعل فلا يُسمى حقيقة عقلية ولا مجازًا. إذًا احترز به عن ما لا يكون المسند فيه فعلاً أو معناه كقولنا: الحيوان جسم. فإنه لا يوصف بحقيقة ولا مجاز على قول، أو في الفعل أو معناه للتنويع،

(إِنْ أَسْنَدَهُ) أي المتكلم (لِمَا) أي: إلى، ما أي شيء هو له أي: لذلك الشيء، كالفاعل فيما بني للفاعل، ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا هنا ليس الكلام في المفردات، ليس في ضَرَبَ هل استعمل في معناه أو لا، وزيد هل استعمل في معناه أو لا؟ ليس هذا الكلام هذا سيأتي في علم البيان، نحن نتكلم هنا في الإسناد ضم كلمة إلى أخرى، ضَرَبَ زَيْدٌ، مُسْنَد ومُسْنَد إليه، ليس بحثنا في المسند والمسند إليه، هل استعمل في معناه اللغوي، هذا بحثه فيما يأتي، أما الكلام هنا في الإسناد ضم كلمة إلى أخرى، ضَرَبَ زَيْدٌ هنا أسندت ضَرَبَ وهو فعل إلى زيد على وجه ماذا؟ على وجه الفاعلية فهو إسناد حقيقي، ويسمى حقيقة عقلية، ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، وللمفعول به فيما بُنِيَ للمفعول به نحو ضُرِبَ عَمْرٌ هنا أسندت ضرب إلى عمرو فإن الضاربية لزيد والمضروبية لعمرو هذه ثابتة بدلالة اللفظ، أما نحو نهاره صائم، صَائم هذا اسم فاعل ويرفع فاعل أين الفاعل؟

نَهَارُهُ صَائم هو أي؟ تجيبون أنتم، نَهَارُهُ صَائِمٌ هُوَ أي؟ النهار، هل النهار يصوم؟ لا. إذًا أسندت ما في معنى الفعل إلى غير ما هو له، يعني لم يحدثه وإنما سبب الملابسة هنا [كون الصيام] (١) كون النهار محلاً للصوم زمانًا له يقع فيه، إذًا ثَمَّ ملابسة، لأن الحدث المصدر لا بد له من مكان ولا بد من له من زمن، وقد يكون ثَمَّ سبب خارج عنه، نَهَارُهُ صَائِمٌ، نهاره مبتدأ صائم، زَيْدٌ نَهَارُهُ صَائِم، نهاره مبتدأ صائم خبر، صائم في معنى الفعل رفع فاعلاً، هنا عندنا إسناد ليس إسناد صائم إلى نهار، لا، وإنما إسناد صائم إلى الفاعل الذي بعده الذي هو الضمير المستتر، فهنا الإسناد هل أسندت صائم الذي هو الحدث إلى ما هو له أو لغير ما هو له؟

لا شك الثاني، لأنك إذا قلت: أنه إسناد الشيء إلى ما هو له. يعني النهار يصوم النهار يصوم؟ ما يصوم قطعًا، النهار لا يصوم، لا يُحْدِثُ الصوم لأنه حَدَثٌ والنهار كذلك حَدَث، والحدث لا يحدث حدثًا، إذًا نهاره صائم نقول: أُسند ما في معنى الفعل إلى فاعل هنا، لكنه ليس هو فاعل حقيقة، فيكون المجاز ويكون الإسناد هو مجازًا عقليًّا، لَيْلُهُ قَائِم، قائمٌ هو أي: الليل. هل الليل يقوم؟

الجواب: لا، فالقول فيه كالقول السابق، فإن الصوم ليس للنهار، بل هو ظرف له، والقيام ليس لليل، بل هو ظرف له.


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>