للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفعل وما في معناها له ملابساتٌ شتى، يلابس الفاعل تارة، والمفعول به تارة، والمصدر والزمان والمكان والسبب، أما المصدر فلكونه جزءًا من الفعل أو ما في معنى الفعل، وأما السبب قد يكون خارجًا لكنه له تأثيرٌ في الإحْدَاث، أما الزمان والمكان فهو واضح، فإسناده إلى الفاعل إذا كان مبنيًا له حقيقة كما سبق، وكذا إذا المفعول إذا كان مبنيًا له واحترز عنهما بقوله: غير ما هو له. وإسناده إلى غيرهما لمضاهته لما هو له في ملابسة الفعل مجازٌ - على ما ذكرناه - كقوله في المفعول به {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١] راضيةٌ هي أي: العيشة، راضيةٌ وليس مرضيٌ بها وليست راضية، الراضي هو الصاحب أليس كذلك؟ {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} راضيةٌ هي أَسْنَدَ راضية إلى الضمير، ومرجع الضمير العيشة، والعيشة راضيةٌ أو مرضيٌ بها؟

مرضيٌ بها، حينئذٍ أسند الشيء إلى غير ما هو له، فإن راضية مسندةٌ إلى ضمير العيشة فقد جعلت يعني: الـ {عِيشَةٍ} فاعلاً، قال: {رَّاضِيَةٍ} هي جعلت فاعلاً وهي ليست بفاعل وإنما هي مفعولٌ في المعنى لأنها مرضيٌ بها والراضي إنما هو صاحبها، فقد سلخ عنها معنى المفعولية وجعل مرضي به راضيًا، ومثله ماءٌ دافقٌ، دافقٌ اسم فاعل هو أي: الماء ماء دافق فاعل أو مفعول؟ مفعول أي: ماءٌ مدفوقٌ وواضحٌ هذا؟ وبعكسه سيلٌ مفعمٌ، سيلٌ مفعم، مفعم اسم مفعول هو السيل مُفْعِل مالئٌ أو مملوءٌ، مفعَم يعني: مملوء، طيب السيل مالئ أو مملوء، مالئٌ هنا أُسْنِدَ الشيء إلى غير ما هو له، والأصل أن يقول: سيلٌ مفعِمٌ. اسم مفعول من أُفْعِم، أُفْعِمت الإناء يعني: مُلِئَتْ، فالمملوء هنا هو الوادي، والسيل مفعِمٌ بالكسر لأنه مالئٌ لا مملوء، إذًا السيل مفعَمٌ هذا اسم مفعول والأصل أن يقول مفعِمٌ بالكسر لكنه أسنده إلى غير ما هو له، والمصدر شعرٌ شاعرٌ، شاعرٌ هو أي: الشعر هذا مثال الإيضاح وانتقد عليه. لكن المراد هنا المثال، وفي الزمان نهاره صائم، وليله قائم - كما مر معنا -.

وفي المكان طريقٌ سائرٌ، سائر الطريق هو أي: الطريق، الطريق يسير؟ لا، لا يسير، وهو مسيرٌ فيه، إذًا طريقٌ سائر تقول: هذا مجازٌ.

ونهرٌ جارٍ. النهر لا يجري الماء وإنما هو محل، وفي السبب بنى الأمير المدينة إذا كان آمرًا لعماله بنى الأمير، ما بنى وإنما أمر عماله هو سببٌ في البناء.

وقول الناظم: (مَجَازٌ أَوَّلاَ [أُوِّلا]) يجوز الوجهان أُوِّلاَ أي: هو، أي: الإسناد، أي: بتأولٍ، يعني: بنصب قرينةٍ صارفةٍ عن أن يكون الإسناد إلى من هو له، أو إلى ما هو له، يجوز الوجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>