(أي: بدليل أنك لو بدَّلت ناطق بكاتب مثلاً لم يقتض اختلافُهما كذب إحداهما).
إذاً: زيدٌ إنسان، زيدٌ ليس بناطق. زيدٌ إنسان في قوة زيدٌ ناطق.
زيدٌ ليس بناطق إذاً: كذَبت إحداهُما وصدَقت إحداهُما، هل هو لذات السلب والإيجاب؟ الجواب: لا، وإنما لأمرٍ خارج، وهو أن كل ناطقٍ إنسان.
زيدٌ إنسان، يعني: زيدٌ ناطق. زيدٌ ليس بناطق، كل ناطقٍ إنسان. هذه مقدمة خارجة عن الموجود معنا، حينئذٍ باعتبار هذه الواسطة الخارجة نقول: زيدٌ إنسان في قوة زيدٌ ناطقٌ، حينئذٍ تقابلا زيدٌ ناطق زيدٌ ليس بناطق فاختلفتا، كذَبت إحداهما وصدَقت الأخرى، لكن لا لذات القضيتين وإنما لقضية خارجةٍ عن المراد.
ولذلك قال: (لا يقتضي أن تكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة لذاته، بل بواسطةِ أن الأولى -زيدٌ إنسان- في قوة: زيدٌ ناطق، وأن الثانية في قوة: زيدٌ ليس بإنسان فتقابَلَتَا).
قال هنا العطار: (قوله: لذته. احترز به عن القضيتين المقتضي لصدق أحدِهما وكذب الأخرى، لكن لا نظراً لذاته بل لأجل واسطة أو خصوص مادة).
يعني: لا لذات الكون السلبي أو الاختلاف وقع بالسلب والإيجاب، مع اتحاد الموضوع والمحمول فيما يأتي ذِكرُه من الوحدات الثمان.
حينئذٍ نقول: التقابل هنا قد يكون لذات القضيتين، ولذلك قال: (اخْتِلاَفُ قَضِيَّتَينِ بِالْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ بِحَيْثُ يَقْتَضِي) يعني: ذلك الاختلاف يقتضي بذاته لا بواسطة ولا لخصوص مادة، يقتضي ماذا؟ صِدق إحداهما وكذِب الأخرى.
طيب. قد يقع اختلاف بينهما سلباً وإيجاباً، وتصدُق إحداهما وتكذِب الأخرى، لكن لا لذات السلب والإيجاب، ولا لذات مادتي القضيتين، وإنما لأمرٍ خارج.
ولذلك قال: (احترازٌ عن اختلاف القضيتين المقتضِي لصِدق أحدِهما وكذب الأخرى) وُجد فيه حقيقةُ التناقض.
(لكن لا نظراً لذاته بل لأجل واسطة أو خصوص مادة.
فالأول -لأجل واسطة-: زيدٌ إنسان زيدٌ ليس بناطق، فإنه إنما اقتضى صدق أحدهما وكذب الأخرى بواسطة أن كل ناطقٍ إنسان) هذه قضية منفكة عن الموجود معنا.
(والثاني -يعني: خصوص المادة- كقولنا: كل إنسانٍ حيوان ولا شيء من الإنسان بحيوان) كل إنسان حيوان صادقة؟ صادقة، ولا شيء من الإنسان بحيوان؟ كاذبة.
إذاً: الأولى موجبة والثانية سالبة.
حينئذٍ هل نقول: هذا تناقُض؟ اختلفتا لكن لا ينطبق عليه حد التناقض.
(وقولنا: بعض الإنسان حيوان وبعض الإنسان ليس بحيوان، فإن أقسام الصدق والكذِب فيها إنما هو لخصوص المادة لا لذات الاختلاف بين الكلِّيتين والجزئيتين، فإن الكُلّيّتين قد يكذِبان).
"قد يكذِبان" ولذلك كل إنسان حيوان، لا شيء من الإنسان بحيوان. قد يكذبان.
(كقولنا: كل حيوان إنسان كاذبة، ولا شيء من الحيوان بإنسان كاذبة) إذاً: كذَبَتَا.
(والجزئيتان قد يصدقان كقولنا: بعض الحيوان إنسان صادقة، وبعض الحيوان ليس بإنسان صادقة. قاله السعد).
قال رحمه الله تعالى: (وَلاَ يَتَحَقَّقُ ذلِكَ) (أي: التناقض في القضيتين المخصوصتين أو المحصورتين).
مخصوصتين يعني: شخصيتين .. التقابل بينهما: زيدٌ كاتب زيدٌ ليس بكاتب.
(المحصورتين) الكُلّيّة والجزئية يعني: عنا به الكُلّيّة .. المسوَّرة بسور كُلّي، أو المسوّرة بسور جزئي.