للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال هنا: (اقتصر على المخصوصة والمحصورة ولم يَذكر المهملة).

ذَكَر المهملة أو لا؟ ذَكَرَها، كيف دخلتْ؟ لأنه أدرجها في المحصورة بناءً على أنها في قوة الجزئية، وحينئذٍ يراد بالمحصورة حقيقةً أو حُكماً.

إذاً: (وَلاَ يَتَحَقَّقُ ذلِكَ) أي: التناقض في القضيتين المخصوصتين أو المحصورتين حقيقةً أو حكماً) يعني: مسوَّرة بسور كُلّي أو كُلّيّة أو إن شئت قل: جزئية، ثم المهملة دخلت كذلك؛ لأنها في قوة الجزئية.

(إِلاَّ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا) أي: القضيتين المختلفتين (في ثمان وحدات).

قال العطار: (ولا انحصار لها في الثمانية) يعني: ليست منحصرة.

(فإن الاختلاف المانع من التناقض قد يكون بغيرها من المتعلِّقات كالأحوال، والظروف، والمفعولات .. وغير ذلك.

فقول: زيدٌ كاتب أي: بالقلم العربي، زيدٌ ليس بكاتب أي: بالقلم الهندي).

زيدٌ كاتب، زيدٌ ليس بكاتب يعني: بالفعل .. زيدٌ كاتب بالفعل، زيدٌ ليس بكاتب بالفعل، كلٌ منهما صادقة، لكن يكون المنوي .. المقدَّر هناك .. المعتبَر: زيدٌ كاتبٌ يعني: بالقلم الهندي أو بالقلم العربي، وزيدٌ ليس بكاتب يعني: بقلم آخر مغاير للسابق.

إذاً: الاعتبار في كونِه كاتباً بكذا أو كاتباً بكذا، حينئذٍ نقول: هذا يجعل القضيتين صادقتين، ولا يكون من باب التناقض.

وهذا المثال أمرٌ زائد عن الثمان المذكورة، فحينئذٍ كيف تُحصَر في ثمان؟ هذا مرادُه.

(زيدٌ كاتب أي: بالقلم العربي، زيدٌ ليس بكاتب أي: بالقلم الهندي.

زيدٌ آكلٌ، زيدٌ ليس بآكل).

زيدٌ آكلٌ أي: الخبز، زيدٌ ليس بآكلٍ يعني: اللحم، وكل آكل بالفعل. لا تناقض.

قال: (وكثيراً ما يُنفى الشيء ويُثبَت باعتبارين ولا يحصُل تناقض.

والمحقِّق للتناقض هو اتحاد النسبة الحُكمية حتى يرد السلب والإيجاب، على شيءٍ واحد من جهة واحدة، فهم لم يُريدوا الحصرَ).

لكن لهم مغزى في عدِّها ثمانية، إذا قيل بأنه لم يريد الحصر، إذاً: لماذا يذكرونها؟ هذا لا بد؛ لئلا يهم موهمٌ بأن ثم ما يمكن اعتباره أنه من التناقض وليس بتناقض.

ولذلك قال هو أيضاً: (وفي الحاشية نقلاً عن بعضهم: أن القضيتين يجب أن يكونا متحدَتين من جميع الوجوه ولا يتغايران) لا بد من هذا، وإلا لا يُحكم بالتناقض. لا بد من الاتحاد من جميع الوجوه في المحكوم عليه، والمحكوم به، وفي متعلَّقات الموضوع، ومتعلقات المحمول ..

لا يكون ثَم اعتبار يَجعل ثم مغايرة بين قضيتين وإلا انفكت، وهذا ما يُعبِّر عنه بعضهم بانفكاك الجهة.

قال: (أن القضيتين يجب أن يكونا متحدتين من جميع الوجوه ولا يتغايران، إلا أنَّ في إحداهما سلباً وفي الأخرى إيجاباً، لكن) بعد هذا الاعتبار.

(كثيراً ما يُغفَل عن التغاير، ويُظنُّ في قضيتين أنهما متناقضتان ويُغلَط مثلاً.

قولنا: الخمر مسكر، مع قولنا: الخمر ليس بمسكر. يُظن أنهما متناقضتان، ويُغفل عن عدم الاتحاد بينهما بحسب القوة والفعل).

يعني: مسكرٌ بالقوة ليس مسكراً بالفعل، أو العكس. قدَّر هذا أو ذاك، حينئذٍ نوى الفعل والقوة.

(فظهر أنهم إنما شرَطوا الوحدات الثمانية وغيرَها لدفع اللبس والصون عن الخطأ في أخذ النقيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>