للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(في الْقُوَةِ) (أي: إمكان الشيء حال عدمِه، بأن يكون النسبة بالقوة فيهما، فإن كانت في إحداهما بالقوة وفي الأخرى بالفعل لم تتناقضا لذلك) للاختلاف، وقع الاختلاف.

فلا بد أن يكون كلٌ من قضيتين قد اتحدتا في القوة: زيدٌ كاتبٌ بالقوة، زيدٌ ليس بكاتبٍ بالقوة. حينئذٍ وقع التناقض، لو اختلفتا: زيدٌ كاتبٌ بالقوة، زيدٌ ليس بكاتب بالفعل ليس بينهما تناقض، لا بد من اتحاد في القوة معاً، وفي الفعل معاً.

الخمر مسكر بالفعل، الخمر ليس مسكر بالفعل. تناقضتا، لو كان إحداهما بالقوة والأخرى بالفعل انفكت الجهة.

(في الْقُوَةِ وَفي الْفِعْلِ) (المراد بالفعل أي: حصول الشيء بأن تكون النسبة بالفعل فيهما، فإن كانت في إحداهما بالقوة في الأخرى بالفعل نحو: الخمر في دنِّها مسكرةٌ بالقوة وليست الخمر في دنها مسكرةً بالفعل لم تتناقضا لذلك).

قال هنا: (وفي القوة والفعل؛ إذ لو اختلفتا فيهما -القوة والفعل- بأن تكون النسبة في إحداهما بالقوة وفي الأخرى بالفعل نحو: الخمر في الدن مسكرٌ أي: بالقوة، الخمر في الدن ليس بمسكرٍ) يعني: وعاء الخمر يسمى الدَّنّ.

(أي: بالفعل لم تتناقضا).

قال: (وَفي الجُزْءِ وَالْكُلِّ) كذلك جمَع بينهما، وهما وحدتان منفكتان.

(وَفي الجُزْءِ) (بأن يكون موضوع إحداهما بمعنى الجزء، وموضوع الأخرى كذلك، فإن كان موضوع إحداهما بمعنى الجزء وموضوع الأخرى بمعنى الكل لم تتناقضا لذلك).

(وَفي الْكُلِّ) (بأن يكون موضوع إحداهما بمعنى الكل، وموضوع الأخرى كذلك، فإن كان موضوع إحداهما بمعنى الكل وموضوع الأخرى بمعنى الجزء لم تتناقضا لذلك).

إذاً: لا بد الاتحاد في موضوع كلٌ منهما جزء وجزء، كل وكل.

وأما إذا اختلفتا بالكُلّيّة والجزئية هذا جزء وهذا كل، فحينئذٍ لا تناقض بينهما.

(وفي الجزء والكل إذا لو اختلفتا فيهما نحو: الزنجي أسود، الزنجي ليس بأسود.

الزنجي أسود أي: بعضُه، الزنجي ليس بأسود أي: كلِّه لم تتناقضا).

الزنجي أل هنا عهدية، فحينئذٍ تكون القضية مخصوصة في الموضعين .. مخصوصتين: الزنجي أسود، الزنجي ليس بأسود.

فحينئذٍ يُحمل على البعض والكُلّيَّة، متى يُحمل على البعض؟

لو كان الأول بعض والثاني بعض تناقضتا، وأما إذا كان إحداهما الزنجي ومرادٌ به الجزء يعني: البعضية، والثاني الزنجي ليس بأسود المراد به الكُلّيّة لم يحصل تناقض، لا بد من الاتحاد.

ولذلك جمعُه في القوة والفعل والجزء والكل. هذا موهِم أنهما يجتمعان معاً في الجزئية والكُلّيّة، وإنما القوة وحدةٌ منفصلة، لا بد الاتحاد بينهما. قوة قوة، وكذلك الفعل وحدة منفصلة عن القوة .. فِعلٌ فعل.

كذلك الجزء، كلٌ منهما جزء، كذلك الكل كلٌ منهما كل.

فحينئذٍ يحصل التناقض، وأما عند التنوع فهذا جزءٌ بعض، وهذا كلٌ. حينئذٍ لم تتناقضا.

ولذلك لو قيل: الزنجي أسود أل للعهد هنا يعني: ليست استغراقية فلا تكن كُلّيّة.

الزنجي أسود أي: بعضه، الزنجي ليس بأسود أي: كلِّه، لم تتناقضا.

قلنا هنا: بأنها عهدية لئلا يقال بأنهما مهملتان ولا تناقض بينهما، لو قيل: أل هنا استغراقية يعني: كل زنجي، فحينئذٍ صارت مهملة والمشهور أن المهملتين لا تناقض بينهما، ففراراً عن ذلك نقول: أل هنا عهدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>