للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو بدَّلت فصار المحمول موضوعاً، انتقل من كونه محكوماً بمفهومه على كونه محكوماً على أفراده، والموضوع كذلك انعكس تغيَّر وتبدل من كونه محكوماً على أفراده فصار محكوماً به بمفهومه.

إذاً: حصل تغيير أو لا؟ حصل تغيير. هذا المراد هنا.

ولذلك قال: (ومعنى هذا الجواب: أن الإيجاب باقٍ في كلٍ من الأصل والعكس، وكذلك السلبُ، وإن كان قد اختلفا فيهما.

وأكثرُ القوم يعبِّرون بقولهم مع بقاء الكيف والصدق، وهي أولى مما هنا لأن لفظ (بِحَالِهِ) موهمة بقاء كلٍ من السلب والإيجاب على حالته الأُولى وليس كذلك).

فيه سلبٌ وفيه إيجاب، لكن هل يلزم أنه عينُ السلب وعين الإيجاب؟ الجواب: لا.

ومن هنا نقول دائماً: المبتدأ مرفوع والخبر مرفوع، زيدٌ مرفوع بالضمة وقائمٌ مرفوع بالضمة. هل الضمة هي عين الضمة؟ الجواب: لا. ليست هي عين الضمة؛ لأن الضمة هذه اقتضاها عاملُ الابتداء، وهذه ضمة اقتضاها المبتدأ. اختلف العاملان، واختلاف العاملين يدل على الاختلاف في المعنى.

إذاً: ضمَّة وضمة اشتركا في اللفظ وفي الأصل: كون كل منهما مرفوعاً، لكن فيه معنًى بين النوعين يختلف به معنَى أو جوهر الكلمة والكلمات.

هنا كذلك، فلو عبَّر بالكيف لكان أولى، أما التعبير بالسلب والإيجاب قد يقتضي أن السلب بعينه كما هو في الأصل هو باقٍ في العكس، وكذلك الإيجاب وليس كذلك. لا بد من التغيير.

(وليس كذلك، ولذلك احتاج الشارح للمعونة بقوله: (بمعناه).

إذاً: قولُه: (بِحَالِهِ) هذا فيه شيءٌ من الإشكال (مَعَ بَقَاءِ السَّلْبِ، وَالْإِيجَابِ بِحَالِهِ) هذا فيه شيءٌ من الإشكال.

ولذلك احتاج أن يقول: (بمعنى) أوَّله يعني، جاء بشيءٍ فيه تقريبٌ للمعنى.

(بمعنى أن الأصل: إن كان موجَباً فيكون العكس موجَباً، أو كان الأصل سالباً فسالباً، ولا يلزم من ذلك أن يكون عينَ الإيجاب وعينَ السلب، بل قد يقع فيه شيءٌ من الاختلاف).

قال: (فيكون العكس موجَباً، أو سالباً فسالباً؛ وذلك لأن العكس لازمٌ من لوازم الأصل، والموجَب قد يتخلَّف عن السلب، وبالعكس.

فإن قولنا: كل إنسانٍ ناطق لا يصدق العكسُ سالباً، بعض الناطق ليس بإنسان) يعني: يصدُق الأصل ولا يصدق العكس.

(ونحو قولنا: لا شيء من الإنسان بفرسٍ لا يصدُق العكس موجباً، بعض الفرس إنسان.

واللازم المنضبط هو الموافق في الكيف).

(ومع بقاء التصديق والتكذيب بحالِه) يعني: المطابقة للواقع، أو عدم المطابقة للواقع، لا بد أن تكون باقيةً بحالها.

(وعبَّر بعضهم بالصدق والكذب) والصَّدقُ والكذب قلنا: وصفان للكلام، والتصديق والتكذيب هذا مصدر يراد به السامع، هو الذي يصدِّق وهو الذي يكذِّب.

(وبعضهم بالصدق فقط) إذاً: ثلاث تعبيرات: مع بقاء التصديق والتكذيب بحاله دون تغيير، أو يُعبَّر ببقاء الصدق والكذب، أو نعبِّر ببقاء الصدق فقط ولا نذكر الكذب.

قال: (وهو الحق) يعني: التعبير بالصدق فقط .. وهو الحق.

كلها صحيحة، لكن تختلف باعتبارات فقط.

(وبعضهم بالصدق فقط وهو الحق.

وأُجيب عمن عبَّر بالصدق والكذب أو التصديق والتكذيب: بأن المعنى على التوزيع) من باب التأويل.

(يعني: بقاء الصدق من جانب الأصل، وبقاء التكذيب من جانب العكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>