مثلاً: إذا قلنا: كل إنسان حيوان، فقد اجتمع فيه ثلاثة أشياء: ذات الموضوع وهو أفرادُه. كزيد وبكر وخالد، ووصف الموضوع أي: لفظُه المعبَّر به عن هذه الأفراد وهو إنسان، يسمى وصفاً ويسمى عنواناً ولفظاً، ويسمى موضوعاً بالذِّكر أيضاً، وعنواناً أيضاً، ووصفُ المحمول الذي هو الحيوان.
ولا شك أنك إذا عكسته إلى بعض الحيوان إنساناً فيُراد بالحيوان هنا الأفراد من الإنسان المفهوم. كما هو قاعدة الحمْل.
عكْسَ الأصل، فلم يبقيا على حالهما، لكن بقاؤهما على حالهما بالنسبة للوصف العنواني وهو المعنيُّ بقول الشارح: (الموضوعُ والمحمول في الذكر) في الذِّكر يعني: في اللفظ فقط.
عندما تقول: تبديل موضوعٍ بمحمول. هذا في اللفظ فقط، وإلا فالحقيقة تغيِّرت.
فالموضوع الذي كان موضوعاً في الأصل لم يكن محمولاً هناك بما كان عليه في الأصل؛ لأنه في الأصل يراد به أفرادُه وذاتُه، وأما إذا عُكس صار المراد به المفهوم والعكس بالعكس. إذاً: لم يبقيا على حالهما.
إذاً: كيف يُعبِّر تبديل الموضوع بالمحمول؟
نقول: المراد به الوصف العنواني.
(فلا يرِد السؤال) هذا تفريعٌ على قوله: (وأنَّ المراد بهما).
(فلا يرِد السؤال بأن العكس لا يُصيِّر ذاتَ الموضوع -يعني: أفرادَه- محمولاً، ووَصْفَ المحمول -يعني: مفهومَه- موضوعاً، بل موضوع العكس ذاتُ المحمول ومحمولُه وصفُ الموضوع) هذا على الحقيقة.
(فلا يرِد السؤال بأن العكس لا يصيِّر ذات الموضوع يعني: أفراده محمولاً) يعني: لا يُحكَم بالموضوع كما هو مراداً به في الأصل، الأفراد يؤتى به في العكس فيراد به الأفراد لا، ليس هذا المراد.
(ووصف المحمول موضوعاً يعني: مفهومه، بل موضوع العكس ذات المحمول) أي: أفراده، مع أنه كان المراد به المفهوم.
(ومحمولُه وصفُ الموضوعِ أي: مفهومُه) مع أنه كان المراد به الأفراد. حصل تعارضٌ بينهما.
قال هنا: (وَالمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ لاَ تَنْعَكِسُ كُلِّيَّةً) (لئلا تنتقض بمادةٍ يكون المحمول فيها أعم من الموضوع.
(وَالمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ لاَ تَنْعَكِسُ كُلِّيَّةً).
قال العطار: (أي: لا يطَّرِد ذلك، فلا يُنافي صدق عكسها في مادة ما؛ بضابط: بمادة يكون المحمول مساوياً للموضوع. ككل إنسان ناطق، عكسُه كل ناطقٍ إنسان) صدَق.
مع أنها كُلّيّة موجبة وانعكست، مع أنه يقول: (وَالمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ لاَ تَنْعَكِسُ كُلِّيَّةً) يعني: ليس مطرداً.
(كل إنسانٍ ناطق فعكسُه وهو كل ناطقٍ إنسان صادقٌ، إلا أن ذلك لخصوص المادة، فإنه قد يتخلف في صورةٍ ما إذا كان الموضوع أعم.
ومعلوم أن قواعد القوم مبنيةٌ على الاطراد، فحيث تخلَّف الحُكم في مادة ما لم تُعتبر القاعدة) ليست بقاعدة عندهم.
قال هنا: (وَالمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ لاَ تَنْعَكِسُ كُلِّيَّةً) أي: لا يطرد، وقد يتفق في بعض المواد كالمثال الذي ذكرناه.
(لئلا تنتقض بمادة) يعني: بصورة. المادة المراد بها الصورة كما نقول: العموم والخصوص الوجهي والمطلق يجتمعان في مادة ويفترقان في مادة. المراد به المثال (بمادة) يعني: بصورة.
(يكون المحمولُ فيها أعمَّ من الموضوع) كما ذكرنا سابقاً.