للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لئلا تنتقض) قال العطار: أي لو صحَّحنا عكْسَها كُلّيّة دائماً انتقض هذا الحكم بهذه المادة.

(إذ يصدق قولنا: كل إنسانٍ حيوان، ولا يصدُق كل حيوان إنسان).

وثبتَ معنا أنَّ صِدق الملزوم يستلزم صدق اللازم. يعني: الأصل إذا أردتَ عكْسَه وكان صادقاً لا بد أن يكون العكس صادقاً.

أما العكس فلا، قد يكون الأصل كاذباً فالعكس يكون صادقاً، وهنا: كل إنسان حيوان. صادق؟ صادق، عكسُه كل حيوان إنسان. كاذب إذاً: لا يكون عكساً.

إذاً: الموجبة الكُلّيّة لا تنعكس كُلّيّة.

لو قال: بعض الحيوان إنسان صدَق.

(وإلا لَصدَق الأخصُّ على جميع أفراد الأعم وهو محال) الأخص الذي هو إنسان .. العكس، السابق قلنا كاذب .. كل حيوان إنسان هذا كاذب.

يعني: لو صححناه قلنا: صحيحاً صادقاً صدَق الأخص الذي هو إنسان أخص من حيوان، هنا المحمول أخص من الموضوع، حينئذٍ إذا كان المحمول أخص من الموضوع لصدَق الأخص على الأعم.

حينئذٍ كل أفرد الحيوان إنسان، هذا فاسد لا يصح.

(وإلا لصدَق الأخص على جميع أفراد الأعم وهو محال) فيكون الفرس إنسان، والبغل إنسان .. إلى آخره، وهذا محال.

قال هنا: (وإلا لصدَق الأخص. أي: وإلا يصدق بل صدَق للزم صدق الأعم .. ) إلى آخره.

(وهو محال؛ لأنه رفعٌ للعموم والخصوص).

قال هنا: (بَل تَنْعَكِسُ جُزْئِيَّةً) يعني: الموجبة الكُلّيّة تنعكس جزئية.

(لِأَنَّنَا إِذَا اقُلْنَا: كُلُّ إِنْسَانٍ حَيَوَانٌ يَصْدُقُ بَعْضُ الحَيَوَانِ إِنْسَانٌ) صدَقَ بعض الحيوان إنسان.

قال: (فَإِنَّا نَجِدُ) هذا شروعٌ في مسألة وهي: إثباتُ الأدلة على صحة العُكوس، وهو أصعب شيءٍ في هذا الباب، لكن نُمِرُّها.

قال: (فَإِنَّا نَجِدُ) (هذا استدلالٌ على المدَّعى السابق من أنَّ الموجبة الكُلّيّة تنعكس موجبة جزئية) ما الدليل؟ عندهم ثلاثة أدلة.

(وهذا أحدُ طرقٍ ثلاثة) حينئذٍ يكون قوله: (فَإِنَّا) هذا شروعٌ في ذكر أدلة ثلاثة اعتبرها القوم في عكوس القضايا يعني: في صٍدقها. متى يعتبرها صادقاً.

الأول: دليل الافتراض.

الثاني: دليل العكس.

الثالث: دليل الخُلف، سيذكرها المصنف هنا: كُلّيّة موجبة تنعكس جزئية، ما الدليل؟

(فأشار بقوله: فَإِنَّا نَجِدُ شَيْئًا .. إلى آخره. إلى دليل الافتراض.

وهذا أحد طرقٍ ثلاثة للقوم في بيان عكوس القضايا ويسمى طريق الافتراض، وهو أخفاها، ولا يجري إلا في الموجبات والسوالب المركبة) يعني: دون البسيطة.

حاصله قال: (فَإِنَّا نَجِدُ) الموضوع (شَيْئًا مَوْصُوفًا بِالْإِنْسَانِ وَالحَيَوَانِ) وهو الحيوان الناطق (فَيَكُونُ بَعْضُ الحَيَوَانِ إِنْسَانًا).

قال هنا: (فَإِنَّا نَجِدُ) يعني: نفرِض ونقدِّر.

(الموضوع) في العكس.

(شَيْئًا) يعني: فرداً جزئياً معيّناً، ثم نحمِل عليه المحمول، ثم نحمل عليه مرة أخرى الموضوع. فيكون قضيتين، ثم تكون النتيجة.

قال: (فَإِنَّا نَجِدُ) الموضوع (شَيْئًا مَوْصُوفًا بِالْإِنْسَانِ) يعني: محمولاً عليه لفظُ إنسان.

(وَالحَيَوَانِ) أي: ومحمولاً عليه لفظ الحيوان، فيصير قضيتين.

فحينئذٍ تُركِّبهما هكذا: كل إنسانٍ حيوان، تقدِّر إنسان أنَّ المراد به فرد وهو زيد مثلاً، فتقول: زيدٌ وتحمل عليه الموضوع، زيدٌ إنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>