[القرض الحسن بين الأجر من الله , والمنفعة , وسلامة الدين]
للشيخ محمود غريب. مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية " الطبعة الثانية".
المقدمة الأولى:
أكثر من قرأت لهم قصروا الحديث في هذا الموضوع على ثواب الله سبحانه. والحق معهم لقوله تعالى: "لمثل هذا فليعمل العاملون" [الصافات ٦١]، فالقرض الحسن عندهم للثواب فقط.
ولكن حياتنا الآن تفرض نوعا من المعاملة تغيرت فيه الأسباب الداعية للقرض. فالقرض في العصور السابقة كانت لفكّ الرقاب, وقضاء الحاجات. أما اليوم فمقاصد القرض الإستثماري دخلت كل عمل. فهل تبقى أساليب الدعوة على ماكانت عليه؟
وهل تبقى المنابر تقول: من يسّر على معسر وهي تدعو للقرض وهو يريد مليونا للاستثمار؟
المقدمة الثانية:
هل يمكن لحياتنا أن تنظمها أعمال حبّ الخير من أجل ثواب الآخرة فقط؟
أقول: إن أعلى الأعمال التي يريد بها فاعلها الثواب هي الجهاد في سبيل الله.
لا خلاف في هذا.
ولكن الإسلام وعدهم الرضوان (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا. ومغانم كثيرة يأخذونها.) [الفتح]
ثم أكد المغانم الكثيرة التي سيحصلون عليها (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها) [الفتح ١٧]
فمنذ فجر الإسلام والأجر من الله مرتبط بالغنائم، والنيّة هي التي تشكّل العمل.
المقدمة الثالثة:
في دراستي لهذا الموضوع قرأت للشيخ الدكتور السالوس أن الربا زيادة مشروطة في العقد. استرحت لهذه الكلمة الجامعة المانعة.
(الربا زيادة مشروطة في العقد)
سواء كانت مشروطة خطا أو مشروطة مشافهة، فالعقد ربويّ، سواء كان كثيرا أم قليلا. متغيرا أم ثابتا.
وعلى هذا فعقد القرض الذي لم يشترط فيه الزيادة فلا إثم فيه ولا ربا.
أقول: فإذا اقترض أحدكم مبلغا ليسافر إلى بلد من بلاد الله ليبحث عن عمل.