للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في رحاب امرأة عظيمة]

للشيخ محمود غريب ..

عقل كبير هذا الذي صدرت عنه هذه الأفعال، فكل مشهد من مشاهدها بالغ في الحكمة، وما ذكرها الله في القرآن الكريم إلا لبيان هذا. فعندما وصلها خطاب سليمان تقبلته قبولا حسنا ووصفته " بكتاب كريم ".

· وطبقت مع شعبها نظام الشورى " يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) ".

والشورى إرضاء للملأ، وحتى يتحمل المستشار أمانة إبداء الرأي فيحمل نصيبه في المسؤولية.

وهي معرفة بإمكانيات كل مسئول في مكان اختصاصه. فقيادة الجيش لا تغنى عن مسؤول المالية، وكلاهما لا يغنى عن وزير الصحة، والمستشار في كل تخصص مؤتمن. وقد طلبت شهودهم لها فتعتبر الصامت موافق إذا أعطى الجميع حرية الكلم وإبداء الرأي، وفي الإسلام سكوت النبي صلى الله عليه وسلم - إقرار. " مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ " وحديثها عن الشورى هو أول ما نزل في القرآن عن الشورى. وجاءت بعده الآيات في الشورى.

فالإسلام كرم عقل المرأة إذا تجردت من هواها. وعاشت للأمور الكبيرة.

ثانيا ً: من نضج عقلها أنها لم تهتم بحماس شعبها وخطبه الحماسية، وترديد

الشعارات. " نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣) ".

ثبات في اللقاء، وطاعة لأمرها. وهو جواب كاف.

ثالثاً: سعت قراءتها للنتائج الحربية التي تتجلى في قولها: " إن الملوك إذا

دخلوا قرية (محاربين) أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلة " بالأسر

وكذلك يفعلون " من كلامها على وجه التأكيد أو من كلامه - سبحانه -

ليؤكد صحة كلامها، وهذا يؤكد رجاحة عقلها، وحسن قيادتها.

امرأة تمتحن الأنبياء ..

علمت أن دعوة سليمان - عليه السلام - دعوة لدين من افتتاح الرسالة بقوله " وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١) ".

فرسائل الملوك - يومها - لا تحمل هذا المفتاح المبارك، ولا تدعو للحضور مسلمين.

<<  <   >  >>