للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتصام الشباب في التاريخ

ذكر وتذكرة

للشيخ محمود غريب مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية

ظاهرة اعتصام الشباب في أيامنا شغلت كل الدنيا، وحققت أمورا كبيرة نتائجها العاجلة أكبر من تصور الأبطال الذين قاموا بها، وأسأل الله أن يحفظ الأمة من

انتكاسة الأمور بفعل أعداء الثورة وأن يرحم شهداءها ويرعى أهلهم

خطر لي قبيل صلاة الجمعة أن أجعل ندوة الجمعة عن هذه الظاهرة أعني عن سؤال واحد متى تكون ذكرًا ومتى تكون تذكرةً، وحفظ الله البلاد من مقاصمد

أعدائها وفسادهم. ومرّة ثانية الذكر والتذكرة أمران مشروعان.

أوّل من اعتصم في حدود ما أعلم هو سيدنا موسى - عليه السلام - واعتصم معه سبعون رجلاً من قومه لم يشتركوا في عبادة العجل.

ذهبوا مع موسى - عليه السلام - ليستغفروا للذين عبدوا العجل من بني إسرائيل.

النية حسنة، ولكن أخذتهم الصيحة حتى كادت تهلكهم. لأنَّ الله أراد أن يطهرهم أولا لأنهم وإن كانوا لم يعبدوا العجل إلا أنهم لم ينهوا الذين عبدوا العجل. وهذا مما أخذه الله على بني إسرائيل.

{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩)} سورة المائدة.

فالنهي عن المنكر فريضة قدمها الله في القرآن على الإيمان بالله عندما ذكر محاسن أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.

وسبب تقديم الأمر بالمعروف على الإيمان بالله أن هذه الأمّة انفردت به، ولكنها اشتركت مع الأمم الأخرى في الإيمان بالله.

هذا خبر الاعتصام الأول وهو ذكر لله وقادة نبي كريم.

{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (١٥٥)}

<<  <   >  >>