إنّه موظف كبير يرى له حقوقاً على كلّ موظف بالدائرة وليس لصغارهم عليه حقّ. إذا نجح طفله في المدرسة لابد أن يتقدّم كلّ موظف بكلمة " هذا الشبل من ذاك الأسد "" ومن شابه أبه فما ظلم " وإذا مات لموظف صغير ولده الشاب لا يرى عليه واجب العزاء. هؤلاء هم المطففون في أسواق المجتمع. فما أهون الجُبن والخبز الذي يسرقه المطففون، وما أثقل الجُبن في مجال المجتمع. دخل علينا مدرس المنطق ونحن طلاب بالأزهر فقال: الجُبن مصنوع من اللبن. والهروب من الميدان جُبن. فالهروب من الميدان مصنوع من اللبن. هذا فهم القارئ الذكي لقوله تعالى " ويل للمطفّفين. الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون "
وهذا هو الفارق بين الفهم والتفسير للقرآن الكريم. وكلاهما مقبول.
من حقّ كلّ إنسان أن يفهم القرآن على قدر استعداده. ولكن ليس من حقّه أن ينشر فهمه إلا إذا كان عالماً بلغة القرآن. في عام ١٩٧٣م كنت إماما بأوقاف الجيزة وبعد آذان الظهر قرأ مؤذن المسجد: وامتازوا اليوم أيها المجرمون " سورة يس فإذا بأحد المصلين يقول: صدقت يا رب. صدقت يا رب وظلّ يكررها. فسألته فقال: إن ولدى بالجامعة يصوم الاثنين والخميس وينجح بتقدير " مقبول " وابن الجيران " محرم " وينجح بتقدير " ممتاز " فضحك من حوله وصححت له المعنى امتازوا أي اظهروا بزرقة العيون (يعرف المجرمون بسيماهم)(يوم القيامة) ..