[المسألة الرابعة والعشرون: الأدب في قوله صلى الله عليه وسلم: (على رسلك)].
الأدب في القتال من آداب الإسلام التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، فما يكون هناك ضجيج، ولا يكون هناك طيش ولا تهور، وإنما يكون هناك سكينة وطمأنينة وثقة بالله جل وعلا؛ لأن الله وعد المؤمنين بنصره، فإذا ترسموا طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاروا خلفه لا بد أن ينصروا على كل حال، أما إذا خالفوا وأبوا السير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأمر يأتي من قبل أنفسهم، فالأدب يؤخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً.
[المسألة الخامسة والعشرون: الدعوة إلى الإسلام قبل القتال.
المسألة السادسة والعشرون: أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا].
يعني أنه مستحب وليس واجباً، إذا بلغت القوم الدعوة يستحب أن يدعوا مرة أخرى قبل أن يُبدأوا بالقتال، ويجوز أن يُبدأوا بالقتال قبل أن يدعوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دهم بني المصطلق وهم غافلون، ما دعاهم بل أغار عليهم، فقتل مقاتلتهم وسبى نساءهم وأخذ أموالهم وهم غافلون؛ وذلك لأن الدعوة سبقت إليهم، دعوا فأبوا أن يقبلوها، فيجوز هذا، ولكن يستحب أن يدعوا مرة أخرى، والمؤمنون إذا كانوا متبعين للحق فهم لا يرهبون من عدوهم، بل يكون عندهم ثقة بنصر الله جل وعلا، وهم لا يمكن أن يصيبهم إلا إحدى الحسنين: إما الشهادة وهي أعلى ما يطلبه المؤمن، وإما النصر والظفر، فلا بد من واحدة من هاتين الخصلتين، وكل واحدة منها محبوبة إلى المؤمنين.
فلا يرهبون من كونهم يُعلِمون الكافرين بأنهم سيقاتلونهم، ويحذرونهم من سطوة الله جل وعلا التي تكون بأيدي عباده المؤمنين، يحذرونهم أولاً، ويطلبون منهم أن يدخلوا في الإسلام؛ لأن هذا هو المقصود بالقتال، المقصود في القتال في قتال الناس إيصال الإسلام إليهم، فإذا امتنعوا من ذلك قوتلوا.