للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس كذلك قال في اللسان، وجبار القلوب على فطراتها هو من جبر العظم المكسور، قال القتيبي ولم أجعله من أجبرت؛ لأن أفعل لا يقال فيه فعال، قال فيكون من اللغة الأخرى فإنه يقال جبرت وأجبرت بمعنى قهرت، وكذلك المصنف أورد الفعلين، وسأر الثلاثي ذكره أيضًا الأزهري في التهذيب ونص عبارته وأسأر منه سؤرًا وسؤرة إذا أفضلتها وأبقيتها، قال وقال ابن الأعرابي سأر وأسأر إذا أفضل فهو سائر جعل سأر وأسأر واقعين ثم قال فهو سائر، فلا أدري هل أراد بالسائر المسئر أو الباقي الفاضل اه، ويرد عليه أنه إذا كان سأر وأسأر واقعين فكيف يكون قوله فهو سائر بمعنى الباقي الفاضل وهو من سئر اللازم كما سيأتي عنه،

• الثاني أن تفسير السائر بمعنى الجميع أو الباقي على اختلاف الرواية لا يصح من سأر، فإنه متعد بمعنى المبقي فلا يصح استعماله هكذا إلا من فعل لازم كما أشار إليه الأزهري بقوله والسائر الباقي، وكأنه من سئر يسأر كذا في النسخة التي نقلت منها، وزاده صاحب المصباح بيانًا بقوله وسئر الشيء سؤرًا بالهمزة من باب شرب بقي فهو سائر قاله الأزهري اه، ومع بسط الخفاجي الكلام في شرح الدرة على معنى سائر واشتقاقه لم يعرج على هذا المعنى،

• الثالث أن المصنف قال بعده وفيه سؤرة أي بقية من شباب ونص عبارة التهذيب، ويقال للمرأة التي جاوزت عنفوان شبابها وفيها بقية أن فيها لسؤرة فخصها بالمرأة ونظيرها عبارة الزمخشري وصاحب اللسان، فتذكيره الضمير هنا في غير محله والظاهر أن هذه الصيغة تدل من أصل الوضع على هذا المعنى فلا يقال وفيها سؤرة من شباب، ثم إن المصنف ذكر هذا المعنى في سؤدة تبعًا للجوهري ولكنه هناك أنث الضمير ونص عبارته وبها سؤدة أي بقية من شباب، وهو تحريف كما بينته في النقد الثاني ولهذا لم يذكره الأزهري ولا ابن سيده ولا الزمخشري، وإنما ذكروا سؤرة، أما الفيومي والرازي مختصر الصحاح فإنهما أهملا اللفظين بالمرة، والعجب أن الجوهري على إمامته اقتصر على ذكر سؤدة دون سؤرة، وشارح القاموس أقر المصنف على إيرادها في الدال ولم يتعقبه ولم يعزها إلى أحد من أئمة اللغة خلافًا لعادته وإنما فسر قوله وبها بفيها،

• الرابع أن قول المصنف والسائر الباقي لا كما توهم جماعات ثم استشهاده ببيت الأحوص على صحة استعماله بمعنى الجميع تناقض ظاهر لا يرتكبه إلا من جعل دأبه تخطئه السلف كما أشار إليه المحشى، فكان الأليق به أن يقول والسائر الباقي، وقد يستعمل بمعنى الجميع ومنه قول الأحوص، وتمام العجب أنه وهم هنا جماعات اللغويين بصيغة الجمع ومن جملتهم الجوهري ولم يوهمه في إيراده السائر في سار يسير، ومع ما في هذا التوهيم من المؤاخذة فعبارته هنا ألطف من عبارة الصغاني، فإنه بالغ في تجهيل من استعمل السائر بمعنى الجميع حيث قال سائر الناس باقيهم وليس معناه جميعهم، كما توهم من قصر في العربية باعه وضاقت في اختبار الغرائب رباعه، وهو مشتق من السؤر ثم ذكر سئر يسأر إذا بقي ولم يشتق السار منه وتمام الغرابة

<<  <   >  >>