ويقرب من هيت لفظًا واستعمالاً لفظة هايدي في اللغة التركية، وأغرب من ذلك قول الأزهري في التهذيب وفاني ابن اليزيدي عن ابن زيد قال هيت لك بالعبرانية هيتالخ، أي تعاله (كذا) أعربه القرآن اه، ومقتضاه أنه لم يكن معروفًا للعرب قبل التنزيل، ويلحق به قول الخفاجي في شفاء الغليل وقيل رحمن رحيم معرب، ورده أصحاب التفسير، فالتبادر من ذلك أن القائل بعض أهل اللغة وأن المفسرين ردوه فكيف يقول هذا رجل رشيد وقد جاء رخمته بالخاء المعجمة بمعنى رجمته، ورئمت الناقة ولدها عطفت عليه ولزمته، وكذلك مادة رهم فيها معنى الرقة، فيا ليت شعري من أي لغة أخذ الرحمن الرحيم وكيف وجد فيها هاتان الصيغتان موافقتين لصيغ العربية، وهل يقال أيضًا أن رحم معرب؟ ، وقال الصغاني في التكملة في مادة رحم ما نصه سئل أبو العباس عن قول الله تعالى الرحمن الرحيم لم جمع بينهما قال: لأن الرحمن سرياني والرحيم عربي، فتعجب وأنظر التوفيق بين قائل هذا وبين قول الإمام الشافعي رضي الله عنه أن القرآن ليس فيه كلام عجمي، وأنه من توافق اللغات وختام الغرابة أن هذه الألفاظ التي دخلت في اللغة العربية من لغة العجم لا علم لنا بكيفية دخولها ولا بمكانها ولا بزمانها، فمثلها كمثل كثير من أسباب المعيشة التي نتمتع بها، ولا علم لنا بمحدثها ولا بزمانه ولا بمكانه.
[النقد الرابع:(في قصور عبارة المصنف وإبهامها وغموضها وعجمتها وتناقضها)]
في ذلك قوله في سأر السؤال بالضم البقية والفضلة وأسأر أبقاه كأر كمنع والفاعل منهما سار (كشداد) والقياس مسئر ويجوز فيه سؤرة أي بقية من شباب، والسائر الباقي لا الجميع كما توهم جماعات أو قد يستعمل له ومنه قول الأحوص:
(فجلتها لنا لبابة لما .. وقذ النوم سائر الحراس).
وهنا ملاحظة من عدة أوجه: أحدها أنه قال والفاعل منهما سار، والقياس مسئر، ويجوز وحقه أن يقول وقياس اسم الفاعل من الرباعي مسئر ومن الثلاثي سائر وصيغة المبالغة من هذا أو النعت سار، وبالوصف الثاني عبر الجوهري ونص عبارته، ويقال إذا شربت فأسئراى أبق شيئًا من الشراب في قعر الإناء، والنعت من سار على غير قياس؛ لأن قياسه مسئر ونظيره أجبره فهو جبار، والمصنف زاد على الجوهري سأر الثلاثي، فكان عليه أن يزيد أيضًا في البيان؛ لأن قول الجوهري أجبره فهو جبار يقتضي أن جبر الثلاثي غير مستعمل