[النقد الثاني والعشرون:{فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة}]
قال في شره اهيا بكسر الهمزة واشراهيا بفتح الهمزة والشين يونانية اى الازلى الذى لم يزل وليس هذا موضعه لكن لان الناس يغلطون ويقولون اهيا شراهيا وهو خطأ على ما يزعمه احبار اليهود. فات في هذا الكلام نظر من وجوه. الأول انه قال انها يونانية وهي عبرانية. الثانى على فرض انها يونانية فما مدخل احبار اليهود فيها اذ هم لا يعرفون من اليونانية الا كما عرف هو فاعجب لمن جمع كتابه من الفى علم من العيالم الزاخرة ولم يعرف الفرق بين احبار اليهود واليونان. الثالث انه أورد هذه الجملة في شره وحقه ان يذكرها في اهى وقوله لان الناس يغلطون ليس بسبب سديد لا يرادها في شره. الرابع ان ذكره للمركبات من اللغات الاعجمية فضول. الخامس ان حقيقة النطق بهذا التركيب اهيه اشر اهيه فمعنى اهيه الأولى أكون واشر اسم موصول بمعنى الذى واهيه الثانية كالاولى والمعنى انا الذى أكون كما انا كائن فهو نظير قول الشاعر * انا أبو النجم وشعرى شعرى *. في ولد التوليد التربية ومنه قول الله جل وعز لعيسى صلى الله عليه وسلم انت نبي وانا ولدتك اى ربيتك فقالت النصارى انت بنى وانا ولدتك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وهنا نظر من عدة أوجه. الأول ان هذه الجملة مذكورة في الزبور وهو بالعبرانية كما هو معلوم عند جميع الناس من وقت ظهوره الى الآن وصحة ترجمتها انى اخبر بامر الرب الرب قال لي انت ابنى وانا اليوم ولدتك ولا يخفى ان بين الزبور والانجيل احقابا عديدة فلم يكن من المحتمل ان النصارى تحرفها وقد ترجمت الى جميع اللغات هكذا فما معنى قوله فقالت النصارى فاين نصارى الجبش والسريان وغيرهم فهذا قول من لم يمعن النظر فيما يقول ولم يترو في منقول ومعقول سواء كان المصنف هو الذى سبق اليه او كان ناقلا له. الثانى ان الذى تذهب اليه احبار اليهود في تفسير هذه الجملة كما هو في محفوظى ان الخطاب كان من الملك شاوول الى داود عليه السلام حين كان من المقربين اليه ويدعون انه لا يصح توجيهه الى عيسى لقوله وانا اليوم ولدتك اذ لفظة اليو تدل على الحدوث كما لا يخفى وهو مخالف لاعتقاد النصارى والنصارى يؤولونها بخلاف ذلك فاذا كان عليهم لوم فانما هو من حيث التأويل لا من حيث التحريف. الثالث انه على فرض ان المتكلم هو الله تعالى فنسبه البنوة الى من اصطفاه