النقد الخامس:(في ذهوله عن نسق معاني الألفاظ على نسق أصلها الذي وضعت له بل يقحم بينها ألفاظًا أجنبيًا تبعدها عن حكمة الواضع)
قد ذكرت في المقدمة أن أئمة اللغة يقدمون المجاز على الحقيقة غالبًا أو يعدلون عن تفسير الألفاظ بحسب وضعها الأصلى غير أن المصنف زاد عليهم كثيرًا في هذا النوع حتى أدته الزيادة إلى مخالفة سائر اللغويين،
• فمن أمثله ذلك قوله في فاء الفيء ما كان شمسًا فينسخه الظل والغنيمة والخراج والقطعة من الطير والرجوع كالفيئة والفيئة والإفاءة والاستفاءة والتحول، إلى أن قال والفيبة طائر كالعقاب والحين،
• وحق التعبير ان يبدأ بالرجوع لأن الظل مأخوذ منه ألا ترى أن الجوهري ابتدأ هذه المادة بقوله فاء يفيء رجع وإفاءة غيره رجعه إلى أن قال والفيء ما بعد الزوال من الظل، وإنما سمي الظل فيئًا لرجوعه من جانب إلى جانب اه، ومن معنى الرجوع أيضًا الغنيمة والخراج وعبارة لسان العرب الفيء ما كان شمسًا فنسخه الظل وإنما سمي الظل فيئًا لرجوعه من جانب إلى جانب وفاء الشيء فيئًا تحول وحكى أبو عبيدة عن روبة كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء وظل وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل، ويقال للحديدة إذا كلت بعد حدتها قد فأت وفي الحديث الفيء على ذي الرحم أي العطف عليه والرجوع إليه بالبر أبو زيد أفأت فلانًا على الأمر إفاءة إذا أراد أمرًا فعدلته إلى أمر غيره وفاء واستفاء كفاء وإنه لسريع الفيء والفيئة أي الرجوع وإنه لحسن الفيئة بالكسر مثل الفيعة أي حسن الرجوع وتفيأت المرأة لزوجها تثنت عليه وتكسرت له تدللاً والعرب تقول يافي مالي تتأسف بذلك وهنا ملاحظة من عدة أوجه: أولها: أن الفيء أصله مصدر فاء بمعنى رجع ومثله باء ومقلوبه آب،
• الثاني: أن المصنف لم يصرح بالفعل فخالف في ذلك الصحاح واللسان وليس في عبارته أيضًا ما يدل على كون الفيء مصدرًا سوى قوله والتحول وهي دلالة بعيدة،
• الثالث أن المحشى قال أغفل المصنف الرباعي متعديًا وذكره الجوهري فقال فاء يفيء فيئًا رجع وأفاءه غيره رجعه وقوله والفيئة طائر كالعقاب لم يذكره الجوهري ولا ابن سيده ولا غيرهما من أهل اللغة ممن تصدى لذكر الحيوانات كالدميري في حياة الحيوان ولا الأطباء ولا غيرهم اه، وهو غريب جدًا فإن الصغاني حكى في العباب الفيئة الحدأة التي تصطاد الفراريج من الديار وعبارة ابن سيده في المحكم الفيئة طائر يشبه العقاب فإذا خاف البرد انحدر إلى اليمن ومثلها عبارة اللسان وأغرب من