الشيطان أنكره وقال: أبطل جوره على عدله الأول، ثم دخل على نساء سليمان فسألهن عنه فقلن له: إنه يأتينا في المحيض وإذا طهرنا لم يقربنا! وقال: أنكرت لما رأيت من عدله وأظهره من جوره، ثم بث ذلك الشيطان السحر في الناس فقال: ليس هو سليمان. ورد الله على سليمان ملكه - وقال بعض أهل العلم: إن الله تبارك وتعالى لا يمكن الشيطان من هذا فيخلو بنساء النبيين - وقال قوم ذلك إن الله ابتلاء لخلقه والقتل أكبر من النساء وقد قتل الكافرون النبيين. قال الله {ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}، فلما رد الله على سليمان ملكه بقدرته وأتى فأصاب الخاتم فرفرف الطير على رأسه وعصفت الرياح وطافت به وهو يسبح وسبحت الطير والجبال بتسبيحه ودخل قصره وقتل الشيطان. ثم لم يمكث سليمان بعد ما رد الله عليه ملكه ونعمته حتى مات صلى الله عليه وسلم، فكان عمره بعدما تزوج
بلقيس أربعين سنة، فلما مات صلى الله عليه وسلم قام بجران القلمس بن عمرو بن قطن بن همدان ابن سار بن زيد بن وائل بن عبد شمس بن وائل بن حمير بن سبأ - والقلمس أفعى نجران - وكان داعياً من دعاة سليمان بنجران آمن وحسن إيمانه فقام خطيباً في أهل نجران مؤمنو نجران فقال: أيها الناس إن الدهر أنذركم والموت أدبكم فهل تجدون من ذلك مجيراً وعنه محيداً إن الله لم يشرك أحداً في ملكه خلقهم للفناء واستأثر بعدهم بالبقاء. جعل الموت منهلاً ليس عنه مزحل، إن سليمان نبي الله مات أعطاه الله ما لم يعط أحداً فلم يك بذلك يدفع المقدور ولا يصرف المحذور، ولما قرب الأجل اضمحل الأمل ونزل الموت عليه بالفوت، فهو لكم عارية وأنتم له تراث