إليهم نفير لم يمت منهم إلا اليسير من الأتباع قال: يا نفير دافعت القضاء بالمنى، ولكن أنت بين أمرين إن خلصت ناصحت لتبع وإن مت وفيت لقومك وكلا الحالين كرم. ثم إن عسكر تبع رجع إليه وأمر بنفير فمثل بين يديه فقال له تبع: أنت نفير؟ قال له: نعم أيها الملك، قال له تبع: لم غدرت؟ قال له نفير: أيها الملك إني لم أغدر لأني لم أعهد بل وفيت لقومي ومكرت بعدوهم فإذا قتلتني قتلت مانحاً وإن تركتني تركت ناصحاً والعفو أخلق بقدرة الكريم. قال له تبع: يا نفير وفيت لقومك وقد يكون لك منهم العدو الكاشح والحسود الضاغن والمماري الملحد فكيف بك أن أحسن؟ فاني يا نفير قد عفوت عنك وصفحت عن زلتك وذنبك ووليتك على قومك، قال له نفير: أيها الملك أسأت إليهم وأحسنت إلي فأوثقت به عهدي وملكت به رقي وهل أنت مطيعي أيها الملك؟ قال تبع: قل، قال نفير: أيها الملك أرض الهند وبيئة لطارئها فلا تقارعها بالمهج فمن تاجر بروحه لم يربح وقومي في جبل كما تراهم يموتون اجمع فيه ولا ينزلون فيطلق يدي الملك افعل برأيي. فطلع نفير إلى قومه الهند إلى الجبل فأنزلهم وأنزل جميع أولاده حتى أتى بهم تبعاً - قال له يا نفير: أمنهم وأنزلهم منازلهم وبلغهم مراتبهم فإن كل أمة لم تبلغ مراتبها دخلت صدورها ووغرت قلوبها فاستخفت فتكها وهانت عليها أعمارها وملك أمورها أشرارها وأنت أعلم بها - ففعل نفير ما أمره به تبع، ثم جمع بنيه ودخل بهم على تبع فقال: أيها الملك غرست ولم تأكل ثمر غرسك هؤلاء أولادي وهم بقايا عفوك وغرس نعمتك فامنحهم بالطاعة لك فمن أوفى فقد كافى ومن غدر ففي سيفك الوزر والحكم لمن غدر، قال تبع: أنا لا آمرك فيهم ولا أنهاك، لأن المرء أعلم بولده. فقال له نفير: أيها الملك هذا أحزم أولادي وأضبطهم للملك وأصلبهم حجراً وأحسنهم عقلاً فقدمه تبع