حيث أراد، واني أيها الملك أرى ما تلاه، فقال له تبع: وما هو يا نفير؟ قال: أنتم العرب لكم بأس عند اللقاء وسلامة صدور عند الرضا وأراك أكثرت في عساكرك من الأعاجم وهم قليل صبرهم عند اللقاء كبير غدرهم عند الرضا،
فأخرجهم عن عساكرك لا وغرون صدور العرب فإن الفرس السوء تملي، واعلم أيها الملك أن الأعجمي يضطرب إلى الغدر كما يضطرب البازي إلى صيده. فأمر بهم تبع فشردهم من عساكره ثم قفل من أرض الصين ومعه نفير ملك الهند حتى بلغ إلى قطربيل، فآتاه أن الزط والكرد والخوز غدروا عساكره التي كانت عندهم من المرضى والجرحى، وكان أسباب علوم الدهر عن ذي القرنين وموسى الخضر وسليمان بن داود عليهم السلام وكان قريب العهد من سليمان فقال:
أرقت وما ذاك بي من طرب ... ولكن بدا لي وهنا سبب
قتلت جموعاً فأفنيتها ... وفي الأرض مني لقومي أرب
وخبرت بالصين لي بغية ... ثياب الحرير وكنز الذهب
فسرت إليهم بجيش لهام ... كثير اللهاء شديد اللجب
لقيت من الترك آسادها ... فقتلتها حين جد الوصب
فغادرت أيامها سدفة ... وموطنها بالقنا منهب
لها عاصفات إذا وجهت ... تكاد الجباتل لها تنقلب
وبالشرق والغرب آثارها ... وبالخافقين رياح تهب
بأبناء قحطان من حمير ... بهاليل أسد صميم العرب
رزان الحلوم نجوم العلوم ... خفاف المعاذير بيض النقب