فلما كرت غسان عليهم وهزمتهم، أنشأ جذع بن سنان يقول:
نحن بنو مازن فينا الملك ... سيدفع الأبطال عنا الشك
سيعلمون من هو الأرك ... إذا التقينا والمكان ضنك
غسان غسان وعك عك ... ليس لكم من البلا مفك
قال فعظم على ثعلبة بن عمرو غدر عك ولم يجد سبيلاً. ومالت قبائل غسان مع جذع، فقال ثعلبة: لا خير لنا في المقام معك بعد غدرنا بهم فقال جذع: أوطنوا أرض عك يا آل غسان. فأرسلت عك إلى الملك ثعلبة وقالت له: أعطنا عهد الملك، فتشاءم ثعلبة بجذع، وأتى إلى ثعلبة أخوته المرتادون فأخبروه عن أرض همدان وخصب أرضهم ومراعيهم. فدعا بظريفة فقال لها: ما ترين؟ فقد جاء بنوك بخير وبخصب أرض همدان وقد أسأنا جوار عك وكرهت المقام فيهم وأردت المسير إلى همدان فما ترين؟ قالت: أما عك أهل المكر فقد أرسلتم عليهم الأمر نقمة من نقم الدهر وأما أرض همدان فقد أعلمتكم بها منذ زمان. ثم قالت: والشهاب والفلك والنظرة والوعك ليتخلفن منكم حيان في عك ويملكنهم أيما ملك وليد ألن عليهم بالدك. فساروا إلى همدان وتخلف منهم حيان عنس وبولان فانتسبوا في عك إلى الآن. فقيل عنس وبولان ابنا أصحاب بن عك وإنما عك وبولان أصحاب الحارث بن مازن بن الأزد، فبينما هم في مسيرهم إذ قالت ظريفة لغلام لها - يقال له سنان -: يا سنان بشر الأزد غسان من ولد الأغر كهلان بالنصر على همدان والملكإلى زمان. فلما انتهوا إلى بلاد همدان لمهم الملك ثعلبة العنقاء ففزعوا أن يكون منهم إليهم ما كان منهم إلى عك بن عدنان بعد المواساة والإحسان قاموا عليهم فناصبوهم إلى القتال فاقتتلوا قتالاً شديداً بموضع يقال له (البطحاء) فانهزمت همدان