تخير منهم مائة رجل ثم قال لعك: تخيروا منكم مائة رجل يحكمون الأمر بيننا وبينكم فتواعدوا
للعهد على مكان بعيد. ورجع جذع واختار مائة رجل من قومه وأمر أن ينطلقوا ليلاً إلى المكان الذي تواعدوا فيه وأمرهم أن يدفنوا فيه سلاحهم. فلما أصبحوا قال لهم جذع: يا معشر غسان أصحابكم لن يغدوا حتى يروكم فاغدوا في رفيع الثياب، ففعلوا وتعرضوا دون سلاح. فلما رأوا ذلك عك اطمأنوا وخرج منهم مائة رجل من أشرافهم بمثل ذلك الزي - وقد كان جذع قال لأصحابه احبسوهم بالأحاديث واضربوا لهم الأمثال حتى يحمي الهجير وتعلو الشمس ويدخل جميع عك فإذا لوحت لكم بثوبي فعليكم بالسلاح - ففعلوا ذلك وقلوهم حتى أبادوا المائة رجل. ونظر رجل من عك - يقال له يزيد بن زياد - إلى قتلهم فنادى: يا آل عك غدرتم في أصحابكم. فأقبلت إليه عك على الصعب والذلول وتداعت غسان فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى انهزمت غسان ووقعت عك في الغنائم. فلما ملئوا أيديهم وانصرفوا تبعتهم غسان فقتلوهم حتى أمعنوا هاربين في الأرض وخلوا منازلهم. فنادى جذع في أصحابه: ارفعوا السيف فلا حاجة لنا فيمن بقي من عك ولا تقربوا غنائمهم وعيالاتهم وحال بينهم وبين ذلك ثعلبة بن عمرو وقال: إياكم وبنات عمكم. فقال المقنع العكي: حين انهزمت غسان:
غسان غسان وعك عك ... والأشعريون رجال ضنك
والقوس فيها وتر عنك ... والنبل كالنيران صفر سك
والمشرفيات لنا والد لك ... والخرد العين لنا والمسك