وفي يده سيف خلق الجفن وقد قعد به الدهر - فقال له جذع: خذ سيفي حتى أعطيك ديناراً فكاكه، فانتهزه الرومي وقال: أدخله في حرامك. فلم يسمع ما قاله، ولكنه علم إنه لم يقل خيراً له، فقال لمن حوله: ما قال؟ قالوا له: لم يقل شيئاً وكرهوا أن يعلموه لشدة نفسه، فقال له ابن أخت له قال: كذا وكذا، فسل جذع سيفه فضرب به رأس الرومي فرماه، ثم قال: خلفت الراحة والدعة في سد سبأ، ثم أحمل ضيماً لطلب الراحة والدعة، فقال رجل من سليح للجابي: خذ من جذع بن سنان ما أعطاك؟ قال: فذهبت مثلاً، وخرج كاتب لقيصر فأعلمه الذي كان فبعث إليهم قيصر مائة رجل ليسوقوا غسان فيقتلوا منهم من شاءوا فلقوهم غسان بوادي الكسوة (تسمى
بذلك للكسوة التي أخذت غسان من الروم فيه) - فعمدت غسان إلى المائة الرجل فقتلوهم وأخذوا كسوتهم وخيلهم وأتى الخبر إلى قيصر فبعث إلى غسان الجاثليق وقال له: انظر لي خبر القوم وما هم عليه فأتى الجاثليق إلى غسان فوجدهم على عهد قيصر وأخرجوا له كتاب قيصر فرجع إليه فأعلمه بذلك وقال الجاثليق لقيصر: أيها الملك ارفع عن القوم الجور واعلم أن لهم منعة فاكفف عنهم جندك وأوف لهم شرطك فبعث إليهم أن ابعثوا إلي بمائة رجل من أشرافكم وخياركم حتى أعهد بيني وبينهم عهداً واعقد لهم عقداً - وإن الأعاجم سريعة قلوبهم إلى الغدر عند الغلبة - فلما آتاهم رسول قيصر قال حارثة: ما تقول يا جذع؟ قال له جذع: كلا يا حارثة ليس الأمر على ما قال قيصر ولكن أرسل معي تسعة وتسعين عداً وأنا تمام المائة، فقال له حارثة: الرأي رأيك، فسار إليه. فلما أتى جذع إلى قيصر قال: من أنت؟ قال: جذع بن سنان، قال قيصر: ومن هؤلاء الذين معك سمهم؟ قال له جذع: هؤلاء تسعة