للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الفضيلة أن بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - (١) فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض، وأدّبهم لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما (٢) يتفرقوا، وزكاهم لكيما يتطهروا، فلما قضى من ذلك ما عليه قبضة الله (٣) صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه إنه حميد مجيد. ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا امرأين منهم صالحين عملاً بالكتاب وأحسنا السيرة ولم يتعديا السنة ثم توفاهما الله فرحمهاما الله" (٤).

ويقول أيضاً وهو يذكر خلافة الصديق وسيرته: فاختار المسلمون بعده (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -) رجلاً منهم، فقارب وسدد بحسب استطاعة على خوف وجد" (٥).

ولم اختار المسلمون أبا بكر خليفة للنبي وإماماً لهم؟ يجيب عليه المرتضى رضي الله عنه وابن عمة الرسول زبير بن العوام رضي الله عنه بقولهما: وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنة، ولقد أمره رسول الله بالصلاة وهو حي" (٦).

ومعنى ذلك أن خلافته كانت بإيعاز الرسول عليه السلام.

وعلي بن أبى طالب رضي الله عنه قال هذا القول رداً على أبي سفيان حين حرضه على طلب الخلافة كما ذكر ابن أبى الحديد (٧) جاء أبو سفيان إلى علي عليه السلام،


(١) إليهم
(٢) لا
(٣) إليه فعليه
(٤) "الغارات" ج١ ص٢١٠ ومثله باختلاف يسير في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، و"ناسخ التواريخ" ج٣ كتاب٢ ص٢٤١ ط إيران، و"مجمع البحار" للمجلسي
(٥) "شرح نهج البلاغة" للميثم البحراني ص٤٠٠
(٦) "شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد الشيعي ج١ ص٣٣٢
(٧) هو عز الدين عبد الحميد بن أبي الحسن بن أبي الحديد المدائني "صاحب شرح نهج البلاغة، المشهور "هو من أكابر الفضلاء المتتبعين، وأعاظم النبلاء المتبحرين موالياً لأهل بيت العصمة والطهارة .. وحسب الدلالة على علو منزلته في الدين وغلوه في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، شرحه الشريف الجامع لكل نفيسة وغريب، والحاوي لكل نافحة ذات طيب .. كان مولده في غرة ذي الحجة ٥٨٦، فمن تصانيفه "شرح نهج البلاغة" عشرين مجلداً، صنفه لخزانة كتب الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي، ولما فرغ من تصنيف أنفذه على يد أخيه موفق الدين أبي المعالي، فبعث له مائة ألف دينار، وخلعة سنية، وفرساً" ("روضات الجنات" ج٥ ص٢٠، ٢١).
ولد بالمدائن "وكان الغالب على أهل المدائن التشيع والتطرف والمغالاة، فسار في دربهم، وتقبل مذهبهم، ونظم العقائد المعروفة بالعلويات السبع على طريقتهم، وفيها غالى وتشيع وذهب به الإسراف في كثير من الأبيات كل مذهب، يقول في إحداها:
علم الغيوب إليه غير مدافع ... والصبح أبيض مسفر لا يدفع
وإليه في يوم المعاد حسابنا ... وهو الملاذ لنا غداً والمفزع
ورأيت دين الاعتزال وإنني ... أهوى لأجلك كل من يتشيع
ولقد علمت بأنه لا بد من ... مهديكم وليومه أتوقع
تحميه من جند الإله كتائب ... كاليم أقبل زاخراً يتدفع
تالله لا أنسى الحسين وشلوه ... تحت السنابك بالعراء موزع
لهفي على تلك الدماء تراق في ... أيدي أمية عنوة وتضيع
يأبى أبو العباس أحمد إنه ... خير الورى من أن يطل ويمنع
فهو الولي لثأرها وهو الحمو ... ‍ل لعبئها إذ كل عود يضلع
والدهر طوع والشبيبة غضة ... والسيف عضب والفؤاد مشيع

ثم خف إلى بغداد، وجنح إلى الاعتزال، وأصبح كما يقول صاحب نسخة السحر "معتزلياً جاهزياً في أكثر شرحه بعد أن كان شيعياً غالياً".
"وتوفى في بغداد سنة ٦٥٥ يروي آية الله العلامة الحلي عن أبيه عنه" (الكنى والألقاب ج١ ص١٨٥)

<<  <   >  >>