للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قضية فدك]

وقبل أن ننتقل إلى الفاروق وعلاقته مع أهل البيت لا بد لنا أن نقف برهة غير يسيرة على سؤال يطرح حول اختلاف هؤلاء الأشراف الكرام البررة، ألا وهو إن كان حبهم وودادهم هكذا كما ذكر فماذا كانت قضية فدك؟ التي طالما نفخ إليها المنفخون المنافقون أعداء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكبروها، وفخموها لمقاصدهم الخبيثة، ومطاعمهم السيئة، وأرادوا منها إثبات التفرقة والخلاف الشديد بين أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخاصة بين بيت النبوة وبين المسلمين عامة، فإن أهل البيت كانوا في جانب وكان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وبقية الأمة في جانب آخر.

حاشا وكلا أن يكون كذلك، والمسألة لم تكن كبيرة وذات أهمية وأبعاد مثلما جعلوها فقط للطعن واللعن، والقضية كلها كانت بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما توفي وبويع أبو بكر بخلافة رسول الله وإمارة المؤمنين أرسلت إليه بنت رسول الله فاطمة تسأله ميراثها من رسول الله عليه الصلاة والسلام مما أفاء الله على نبيه من فدك (١) فأجابها أبو بكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث، ما تركنا فهو صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني مال الله ... .. وإني والله لا أغيّر شيئاً من صدقات النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كانت عليها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي.

ولما ذكر هذا الصديق لفاطمة رضي الله عنها تراجعت عن ذلك ولم تتكلم فيها بعد حتى ماتت، بل وفى بعض الروايات الشيعية أنها رضيت على ذلك كما


(١) "فدك" قرية بخيبر، وقيل: بناحية الحجاز، فيها عين ونخل، أفاء الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - (لسان العرب، ج١٠ ص٤٧٣)

<<  <   >  >>