للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فأوصى، ولكن قال: (أي رسول) إن أراد الله خيراً فيجمعهم على خيرهم بعد نبيهم" (١).

وأورد مثل هذه الرواية "علم الهدى" (٢) للشيعة في كتابه الشافي:

"عن أمير المؤمنين عليه السلام لما قيل له: ألا توصي؟ فقال: ما أوصى رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فأوصي، ولكن إذا أراد الله بالناس خيراً أستجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم" (٣).

فهذا هو علي بن أبى طالب رضي الله عنه يتمنى لشيعته وأنصاره أن يفوق الله لهم رجلاً خيراً صالحاً كما وفق للأمة الإسلامية المجيدة بعد أن اصطدموا بوفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل خير صالح، أفضل الخلائق بعد نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأبي بكر الصديق رضي الله عنه إمام الهدى، وشيخ الإسلام، ورجل قريش، والمقتدى به بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسب ما سماه سيد أهل البيت زوج الزهراء رضي الله عنهما كما رواه السيد مرتضى علم الهدى في كتابه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلاً من قريش جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: سمعتك تقول في الخطبة آنفا: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، فمن هما؟ قال: حبيباي، وعماك أبو بكر وعمر، وإماما الهدى، وشيخا الإسلام. ورجلا قريش، والمتقدى بهما بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدى إلى صراط المستقيم" (٤).

هذا وقد كرر في نفس الكتاب هذا "إن علياً عليه السلام قال في خطبته: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر"، ولم لا يقول هذا وهو الذي روى "أننا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبل حراء إذ تحرك الجبل، فقال له: قر، فإنه ليس عليك إلا نبي وصديق وشهيد" (٥).

فهذا هو رأى علي رضي الله عنه في أبي بكر، نعم! رأي علي الخليفة الراشد الرابع عندنا، والإمام المعصوم الأول عند القوم، الذي يدعون فيه أن من أنكر ولايته فقد كفر، كما قالوا: الموالي له ناج، والمعادي له كافر هالك، والمتخذ دونه


(١) "تلخيص الشافي" للطوسي ج٢ ص٣٧٢ ط النجف
(٢) هو علي بن الحسين بن موسى المشهور بالسيد المرتضى الملقب بعلم الهدى، ولد سنة ٣٥٥، ومات ٤٣٦، هو رن من أركان المذهب الشيعي ومؤسسيه، وقد بالغ الشيعة في مدح أخيه الشريف رضى صاحب نهج البلاغة مبالغة لا نهاية لها، قال فيه الخوانساري: كان شريف المرتضى أوحد عصره علماً وفهماً، كلاماً وشعراً، وجاهاً وكرماً .. وأما مؤلفات السيد فكلها أصول وتأسيسات غير مسبوقة بمقال منها "كتاب الشافي" في الإمامة، أقول: وهو كاسمه شاف واف" (روضات الجنات ج٤ ص٢٩٥ إلى ما بعد).
وقال القمي: هو سيد علماء الأمة، ومحيي آثار الأئمة، ذو المجدين .. جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد، فهذا من الفضائل تفرد به وتوحد، وأجمع على فضله المخالف والمؤالف .. له تصانيف مشهورة - "الشافي" في الإمامة، لم يصنف مثله في الإمامة .. قال آية الله العلامة: ومنه استفاد الإمامية وهو ركنهم ومؤلفهم" (الكنى والألقاب ج٢ ص٣٩، ٤٠
(٣) "الشافي" ص١٧١ ط النجف
(٤) "تلخيص الشافي" ج٢ ص٤٢٨
(٥) "الاحتجاج" للطبرسي

<<  <   >  >>