للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونبّه سيد أهل البيت الناس مع من فيهم الذين يدعون أنهم شيعته بأن الفاروق ليس كواحد من الناس، بل إنه قطب، وعليه يدور رحى الإسلام والعرب المسلمين، فلولا القطب ليس للرحى بأن تدور، وأنى لها ذلك؟ ولذلك يلح عليه بقوله: فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتفضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها: لأنهم يعرفون أن الفاروق هو الأصل، وإن استؤصل لا يبقى للفرع أثر، وإنه هو القطب، وإن كسر تنكسر الرحى ولا تدور، وأيضا إنك أنت الحامي حمى القوم، وحافظ عوراتهم، فلا نتركك بأن تبرح عنا وتدخل نفسك في غمار الموت، لأننا لا نستغني عنك، ونستغني بك قوماً آخرين.

فما أحسن ما عبّر بهم علي بن أبي طالب ما يختلج في صدره، ويكنه في ضميره، ويعتقد به في معتقداته تجاه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ورضيا عنه.

هذا وكان علي رضي الله عنه يعتقد أن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وكان يرى بأنه محدث بأخبار الرسول، ولذلك لم يكن يخالف سيرته وعمله حتى وفي الأمور الصغيرة والتافهة، وقد نقل الدينوري (١) الشيعي أنه لما قدم الكوفة "قيل له: يا أمير المؤمنين! أتنزل القصر؟ قال: لا حاجة لي في نزوله، لأن عمر بن الخطاب كان يبغضه، ولكني نازل الرحبة، ثم أقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى ركعتين، ثم نزل الرحبة" (٢).


(١) هو أبو حنيفة الدينوري أحمد بن داؤد من أهل الدينور، مدينة من أعمال الجبل من همدان. "ثقة فيما يرويه، معروف بالصدق كما وصفه كذلك ابن النديم، توفي سنة ٢٨١ أو ٢٨٢ أو سنة ٢٩٠، وإن أكثر أخذه من يعقوب بن إسحاق الليث النحوي لتشيعه، وهو من أبناء الفرس يستظهر إماميته" ("الذريعة إلى تصانيف الشيعة" لآقابزرك الطهراني ج١ ص٣٣٩ ط طهران)
(٢) "الأخبار الطوال" لأحمد بن داؤد الدينوري ص١٥٢

<<  <   >  >>