شأن كل المجتمعات، وإذن سينكشف الضباب عن الحقيقة الاقتصادية الماركسية المجردة من جانبها العقيدي الذي يحقق نجاحها اليوم، فينتهي المجتمع الشيوعي الحديث، مثل المجتمعات الشيوعية السابقة كمجتمع القرامطة الذي انهار في ومضة بصر، بعد أن هدّد الدولة العباسية في عز قوتها، وكالمجتمع الذي سبقه بإيران قبل البعث الإسلامي.
فإذا كانت ظاهرة (الفتور) تصيب كل المجتمعات في عصر شيخوختها، فإنها تستعجل الشيخوخة في المجتمعات التي تفقد مسبقاً عوامل الاستقرار النفسي، ولا تستطيع الاستمرار إلا في حالة تغير متواصل وحركة ديناميكية مستمرة، مثل المجتمعات الشيوعية السابقة التي لم تستقر أوضاعها إلا في فترة نشوئها وتشييدها.
لذلك لا نرى اختيار المسلم- على أساس مسلمته- إلا محدوداً في الاتجاهين كليهما بعوامل بعضها فني وأخلاقي وبعضها فني ونفسي وعقائدي.
وفي الاتجاهين كليهما نراه في محاولة تركيب روح إسلامية على جسم أجني يرفضها وترفضه؛ لأنه حتى في تجربته (الاشتراكية) المطبقة في بعض البلدان العربية، فهو يحاول تسخير جسم مفصول عن (روحه الشيوعي). ولا يضير المسؤولين العرب الذين يطبقون هذه التجربة في بلادهم، إذا لم يقدر لها النجاح الذي حققته في بلدان أخرى، مثل ألبانيا ورومانيا التي انطلقت من المنطلق نفسه.
فللمجتد أصاب أوأخطأ، أجر بحسن نيته، ولا أحد يشك في حسن نية من حاول تطبيق خطة (اشتراكية) في البلاد العربية. خصوصاً إذا عددنا- في حالة الخطأ- أنه ليس من رجال السياسة، ولا من رجال الفقه، وإنما هو في جوهر الاختيار على أساس مسلمة كان من واجب صاحب الاختصاص الاقتصادي ألا يسلم بها في منطلق تفكيره، ولعلّه يجدر القول هنا، إن من العوامل التي