إن الأقدار لم تظلم أحداً، وإنما تقوم الأمور على سنن لا تغيير لها، تربط المسبَّبات بأسبابها، سنة الله في خلقه، ولغيرنا أن يسميها القوانين، فلا يضيرنا.
إلا أن موقفنا الفكري قد ينحرف تجاهها إما بطريقة أو بأخرى، عندما نقف منها الموقف السحري ( Attitude magique) الذي يهدف إلى تعطيل تلك السنن أو القوانين، أو عندما تكون على فكرنا غشاوة، تجعله يربط الأشياء بغير أسبابها.
فمن يعتقد أنه يعطل الأسباب يبوء بالفشل على حد سواء هو ومن يخطئ في ترتيبها الطبيعي في اطراد جدلي لا يسمح بوضع النتيجة قبل سببها، كما لا يسمح بوضع المحراث قبل الثور.
إن هذه الاعتبارات تتطرق إلى ذهننا، عندما نتابع بالتبصر والتحليل ما يدور في الفكر الإسلامي تجاه عالم الاقتصاد الذي نراه: إما ينغمس في الغموض السحري كأنه معطِّل للأسباب، أو نراه يربط النتائج- كاليسر المادي في حياة الفرد والضمانات الاجتماعية التي يتمتع بها في مجتمع متقدم- بأسباب قد تبدو لنا- في النظرة الأولى- صحيحة، ثم نتبين عدم جدواها في عملية تطبيق نقوم بها نحن أو يقوم بها غيرنا، فتفشل لأنها قعّدت الأشياء على أسباب سطحية.
فلو سألنا أنفسنا عن كيفية توزيع متوسط الدخل السنوي في العالم، ونحن نعلم قيمة هذا المفهوم الاقتصادي بوصفه دلالة على درجة التقدم في بلدٍ ما، ماذا سيكون جوابنا عادة؟