منذ عهد تقسيم العمل أي منذ بداية اقتصاد التبادل، تركزت المجهودات المبذولة في تنشيط وتدعيم حركة مسكرة تقوم على توازن معين بين عليتي الإنتاج والاستهلاك، تتوسطهما حلقة وصل مملية ثالثة هي التوزيع.
وإذا تأملنا شيئاً ما عبر حلقة اقتصادية كاملة ( Circuit) نراه يتسم بوجه خاص بالطابع الذي تضفيه عليه عملية التوزيع، فهي التي تطبع الحياة الاقتصادية، وتميز أسلوبها الخاص لأنها تحدد هدف الإنتاج من ناحية، ورقعة الاستهلاك من ناحية أخرى، لتنشأ بواسطتها حركة التفاعل بين المنتجين والمستهلكين.
فهذا التفاعل هو ما يسمى الديناميكا الاقتصادية.
إننا عندما نحدد طبيعة الحاجة التي يلبيها الإنتاج نحدد طبيعة التوزيع وحجم شبكته. والحاجة من الوجهة الاقتصادية نوعان: الحاجة التي يغطيها مال ( Solvable)، والحاجة التي تغطيها إرادة حضارية، مثل الإرادة التي فرضت الزكاة للفقير وللمسكين وابن السبيل الذين ليس لهم مال يغطون به حاجاتهم اليومية.
ويتقرر على أساس كيفية تلبية الحاجة كل أسلوب الاقتصاد، إما طبقاً لطبيعة المال الذي يقتضي نظماً خاصة بتوزيع محدود يحده الإمكان المالي، أو طبقاً لإرادة حضارية تفرض شبكة توزيع شاملة تشكل السكان كلهم منذ اللحظة الأولى.