إذا تأملنا الفكر الإسلامي الحديث في مواجهة المشكلات الاقتصادية، نرى أنه يضيّق على نفسه مجال اجتهاده، بمقتضى مسلمات ضمنية يمكن حصرها تقريباً فيما يلي:
١) إنه يفكر أولاً على أساس أن الموجود من المناهج الاقتصادية هو ما يمكن إيجاده.
٢) إن النشاط الاقتصادي لا يمكن من دون تدخل المال، سواء في صورة استثمار، تنظمه وتشرف عليه قطاعات خاصة أو استثمار تهيمن عليه سلطة سياسية، فيما يسمى القطاع العام.
ومن هنا يبتدئ تعثر الفكر الإسلامي بصعوبات تنشأ من طبيعة موقفه من الأشياء، لا من طبيعة الأشياء ذاتها.
فالمسلمة الأولى، مثلاً، تضطره إلى الاختيار بين الرأسمالية وبين الشيوعية.
وإذا به يجد نفسه- مهما كانت ميوله- أمام مشكلات فنية أو مذهبية أو على الأقل أخلاقية، تضيف إلى متاعبه ما شاء الله، لأنه لا يجد لها حلاً في نطاق اختياره في كلا الاتجاهين، إلا على حساب مبادئه الأولية، وبالتالي على حساب شخصيته وهويته من التاريخ.
فإن جنح إلى الرأسمالية فسرعان ما يصطدم بإباحيتها، القائمة على المبدأ الذي عبر عنه (آدم سميث)، في بداية العهد الاقتصادي الحديث، في عبارته الشهيرة "دعه يعمل، دعه يسير".